رئيسيعام

بلومبيرغ..كيف أصبحت المسيَرات التركية لاعبا رئيسيا بالسياسة الدولية؟

لم يعد خافياً الأثر الكبير الذي أحدثته المسيّرات التركية، ليس فقط في سوق الصناعات الدفاعية محلياً وعالمياً، ولكن أيضاً في تغيير قواعد اللعبة في السياسات الخارجية والتحالفات الدولية بشكل كلي.

فقد عكس تحليل معمق لوكالة “بلومبيرغ” الإخبارية بعنوان “المسيرات التركية تزعزع الحلفاء” المخاوف الغربية من تنامي الصناعات الدفاعية التركية، وكيف يمكن أن تغير التحالفات القديمة في المنطقة.

مكانة المُسيّرات التركية في السوق العالمي

نقل التقرير عن رالوكا سيرناتوني، الباحثة الزائرة بمركز كارنيجي للدراسات، قولها: “لقد احتلت تركيا بوقت قصير مكانة رائدة بالسوق العالمي، وأصبحت قوة ناشئة بتكنولوجيا المُسيّرات الفتّاكة”، موضحة أن هذا يعكس جهداً متواصلاً لتطوير صناعات دفاعية تركية مكتفية ذاتياً، من دون الحاجة إلى الاستعانة بجهات أجنبية في عملية التصنيع.

لكن سيرناتوني أشارت في حديثها إلى قرار كندا تعليق الصادرات التكنولوجية المستخدمة في صناعة المُسيّرات إلى تركيا نهاية العام الماضي.

فيما أكد سلجوق بيرقدار رئيس شركة إنتاج المسيرات TB2 في تصريح سابق أن “93% من مكونات الطائرات المُسيَّرة تصنع داخل تركيا”، وأن مهندسي التكنولوجيا عاكفين على تطوير تقنياتهم محلياً، لتحقيق رؤية الرئيس التركي في الاكتفاء ذاتياً بشكل كامل.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي قال أردوغان: “مسيَّراتنا تحظى بالإعجاب في جميع أنحاء العالم، وهي تغير أساليب الحرب التقليدية، تماماً كما غيرت مسار الحرب في ليبيا”.

ولفت تقرير “بلومبيرغ” إلى أن 7 شركات دفاع تركية أصبحت الأفضل من بين 100 شركة على مستوى العالم، بعد أن كانت شركتين فقط في عام 2016، ما يعكس التطور الكبير خلال فترة زمنية قصيرة.

تغيير مسارات الحروب

حققت المسيّرات التركية نتائج حاسمة في الحروب خلال السنوات القليلة الماضية، فقد تمكنت من وقف التقدم الكبير لقوات نظام الأسد المدعومة من روسيا العام الماضي، بالإضافة إلى دورها بحرب ليبيا وحسم معركة تحرير “قره باغ” لصالح أذربيجان.

لم تكن تلك الانتصارات من دون ثمن، فقد أثارت مخاوف الدول الغربية من تنامي قوة تركيا العسكرية، ما سبَّب أزمات بعدد من الملفات الدولية الهامة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

إلا أن هذا ما دفع تركيا أيضاً نحو تحالفات جديدة وعقد موازنات مغايرة، فقد جرت تنحية الخلافات السياسية جانباً، ولجأت السعودية إلى شراء المُسيّرات التركية بعد نجاحاتها المتتالية، ولكونها أرخص بكثير من المُسيّرات التي يطرحها منافسوها الرئيسيين الولايات المتحدة والصين.

وخلال العام الماضي فقط تجاوزت الصادرات العسكرية التركية نحو مليارَي دولار تشمل المدرعات والسفن لا فقط المسيّرات، حسب تقرير “بلومبيرغ”.

إيجاد حلول جديدة

في الوقت الذي يسعى فيه بعض الدول الغربية لكبح قوة تركيا الدفاعية المتنامية تلجأ تركيا إلى اتفاقات وتحالفات جديدة لمواجهة تلك التحديات.

فعلى الرغم من التهديدات المتواصلة بفرض عقوبات أمريكية تحاول تركيا عقد اتفاقيات تعاون دفاعي مشترك مع روسيا وباكستان.

فقد طلبت تركيا من موسكو بيع منصات طائرات مقاتلة من طراز SU-35 حتى يتمكن المهندسون المحليون من تطوير إلكترونيات طيران مصنوعة في تركيا، كما سعت للمشاركة بإنتاج طائرات حربية وصواريخ مع باكستان، وهو ما قد يمنح أنقرة “إمكانية الوصول إلى تكنولوجيا الحرب الثمينة من الصين”، حسب تقرير “بلومبيرغ” نقلاً عن مصادر مطّلعة على المناقشات.

وفي سياق متصل تدخلت كوريا الجنوبية لتزويد محركات الدبابة القتالية “ألتاي” التركية بعد أن تسببت الخلافات السياسية في إلغاء خطط الحصول عليها من ألمانيا.

لم تتوقف تركيا عند عقد تحالفات جديدة مع تراجع الحلفاء التقليديين بسبب تنامي قوتها الدفاعية، بل تسعى في الوقت نفسه لتطوير صناعاتها، وآخرها مشروع تحويل سفينة الهجوم البرمائية TCG Anadolu إلى ناقلة، وإضافتها إلى أسطول تركيا في بحر إيجة والبحر المتوسط، بعد تزويدها بطائرات هليكوبتر ونحو 50 مُسيَّرة تركية من أحدث طراز لطائرات بيرقدار TB3، ويتوقع أن يكون ذلك هو النموذج الأول الذي يعمل بمحركات تركية الصنع.

TRT

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى