رئيسيعام

ما مستقبل العلاقات التركية-الأمريكية في ظل إدارة بايدن؟

بمجرد اقتراب الديمقراطي جو بايدن من تحقيق الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي عُقِدت في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أثير عدد من التكهنات والتحليلات حول مستقبل العلاقات بين واشنطن وأنقرة، بعد رحيل دونالد ترمب أحد أكثر من سكنوا البيت الأبيض إثارة للجدل.

وعلى الرغم من أن تصريحات سابقة لكل من بايدن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تشير إلى أن الأمور بينهما ليست في أفضل أحوالها، فإن مراقبين يرون أن مستقبل العلاقات بين الحليفين في الناتو تحمل الكثير من التعقيدات والتفاؤل بإمكانية تجاوز الخلافات.

حليف مهم في الناتو

قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا سابقاً جيمس جيفري، الأربعاء، إن تركيا عضو بالغ الأهمية في حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

وأضاف جيفري في حوار مطوّل أجراه معه موقع “المونيتور” الإخباري، أن الولايات المتحدة تمتلك “أصولاً عسكرية هائلة (في تركيا)، ولا يمكننا التعامل مع (مشكلات) الشرق الأوسط ومنطقة القوقاز والبحر الأسود، بدون تركيا التي تُعد خصماً طبيعياً لروسيا وإيران”.

ووجّه الدبلوماسي الأمريكي نصيحة إلى الرئيس المنتخب جو بايدن بأن يولي أهمية بالغة لتركيا.

وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي وجّهها جيفري إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص تحركات بلاده الأخيرة في المنطقة، فقد أكّد الدبلوماسي الأمريكي أن أردوغان “زعيمٌ عاقل” يمكن التفاوض معه والوصول إلى حلول وسط.

وشدد جيفري على ضرورة أن تتعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع تركيا بحكمة، مضيفاً: “إذا تصرّفت إدارة بايدن على النحو الذي تعاملت به إدارة أوباما، فسوف نخسر الشرق الأوسط”، في إشارة إلى تجاهل تركيا وتخوفاتها الأمنية ورفض بيعها منظومة باتريوت الدفاعية، مما دفعها لشراء منظومة S-400 الروسية.

تغليب المؤسسية

يرى الكاتب التركي متين غورجان أن العلاقات بين واشنطن وأنقرة تحت إدارة بايدن، ستكون محكومة بالسياسة الخارجية الأمريكية التي من المرجح أن تعتمد على “أرضية مؤسسية” مرة أخرى، بعد فترة حكم ترمب الذي “غالباً ما كان انعزالياً وشعبوياً وغير محب لعمل المؤسسات”، على حد تعبير الكاتب.

ويوضح غورجان في مقال نُشِر على موقع المونيتور قبل أسابيع، أنه “بالنظر إلى المقابلات والبيانات والكتابات التي أجراها بايدن خلال العام الماضي، يمكن للمرء أن يستنتج أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تحت قيادته ستستند إلى أربعة مبادئ رئيسية، هي تعزيز الديمقراطية على الصعيد العالمي، وزيادة التعاون الأمني ​​مع الحلفاء، وتشجيع التجارة الحرة عالمياً، بالإضافة إلى حماية البيئة”.

وفي ما يخص العلاقات مع تركيا، يجادل الكاتب بأن فريق السياسة الخارجية لبايدن، يشتمل على تيارين، أحدهما مؤيد للتفاوض وإيجاد حلول وسط للخلافات القائمة، والآخر يميل إلى سياسة متشددة تجاه أنقرة تقوم على الضغوط والعقوبات الاقتصادية.

ويرجّح غورجان أن تكون “للمدافعين عن سياسة التهدئة والتفاوض في إدارة بايدن اليد العليا، لذلك يمكن توقّع أن تتبع الإدارة الأمريكية الجديدة نهجاً تصالحياً خلال الأشهر الأولى من الحكم، لاختبار رد الفعل التركي”، إلا أنه لا يستبعد أن تنقلب الكفة لصالح مؤيدي الصدام مع تركيا، حال فشل الفريق الآخر في إيجاد حلول سريعة وواقعية للخلافات بين البلدين.

في السياق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي سعيد الحاج أن “نظرة تشاؤمية أكثر من اللازم” تسيطر على من يرون أن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا مقبلة على أزمة عميقة في ظل إدارة بايدن.

ويقول الحاج في مقال نُشِر على موقع TRT عربي، إنه “لا ينبغي أخذ تصريحات بايدن خلال الحملة الانتخابية كمعيار وحيد للتقييم.. إذ إنه غالباً ما تتباين مواقف الرئيس وتوجهاته بعد انتخابه عن تصريحاته قبله”.

ويلفت الحاج إلى الفكرة السابق ذكرها حول تغليب بايدن الديمقراطي المخضرم والذي شغل من قبل منصب نائب الرئيس في إدارة باراك أوباما، كفة العمل المؤسسي وتعزيز دور الهيئات المعنية، كي يمحو “الانطباع الذي رسّخه ترمب حول الارتجال والتفرد بالقرارات”.

ويشير الحاج أيضاً إلى عدد من العوامل والأسباب التي تشير إلى أن الأمور يصعب أن تخرج عن نطاق معين، نظراً إلى أهمية البلدين أحدهما للآخر والشراكات التاريخية التي تجمعهما.

تفاؤل تركي

الرئيس التركي قال عند سؤاله عن مستقبل علاقات بلاده مع الولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن: “إن الحديث عن ذلك ما زال مبكراً” قبل بدء الرئيس المنتخب جو بايدن لممارسة مهامه في الإدارة الجديدة، مؤكداً أنه “عندما يبدأ السيد بايدن بمهامه، سنجلس ونتحدث حول بعض الأمور، كما فعلنا ذلك في السابق”.

كما أعرب المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن عن ثقته بأن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة الأمريكية ستكون “جيدة وإيجابية” في عهد بايدن.

وقال قالن في كلمة خلال مشاركته، الأربعاء، عبر شبكة الإنترنت في حلقة نقاش نظمها مركز أبحاث “German Marshall Fund” بعنوان “السياسة الخارجية لتركيا”، إن “بايدن يعرف تركيا ورئيسها جيداً، وزار أنقرة لمرات عدة عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وإنني على ثقة بأن علاقاتنا ستكون جيدة وإيجابية”.

وردّاً على سؤال حول شراء تركيا منظومة S-400 الروسية، أكّد قالن أن تركيا أبدت مراراً رغبتها في شراء منظومة باتريوت الأمريكية، لكن واشنطن امتنعت عن تزويد أنقرة بها. وأشار إلى أن الرئيس التركي صرح مراراً بأن تركيا ستبحث عن بدائل حال أصرّت واشنطن على عدم بيع تلك المنظومة، غير أن الولايات المتحدة لم تأخذ تلك التصريحات على محمل الجد.

ولفت إلى أن الحديث عن تشكيل منظومة S-400 تهديداً لمقاتلات F-35 الهجومية ادعاءات من السهل تفنيدها، مؤكداً أن “فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها المنظومة الروسية سيلحق أضراراً كبيرة بالعلاقات التركية الأمريكية”.

وأوضح قالن أن تركيا تنتظر من إدارة بايدن وقف دعم تنظيم PKK/YPG في سوريا والتعاون مع أنقرة بخصوص مكافحة منظمة غولن الإرهابية. وأشار إلى أن تركيا ستدعم عودة إدارة بايدن للاتفاق النووي المبرم مع إيران.

مختاراتTRT

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى