رئيسيعام

سحب القوات الأمريكية..هل يعصف بالصومال؟

وصف خبراء في الشؤون الأمنية توقيت قرار واشنطن سحب قواتها من الصومال بـ”القاتل”، محذرين من أنه قد يعصف بالوضع الأمني، خاصة وأن إيجاد بديل سريعا هو أمر “شبه مستحيل”.

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، الجمعة، أن الرئيس دونالد ترامب أمر بسحب معظم القوات الأمريكية من الصومال، مع ضرورة استكمال الانسحاب بحلول 15 يناير/ كانون الثاني المقبل.

وأوضحت أن هذه الخطوة تأتي ضمن عملية انسحاب عالمية، تتضمن أيضا تقليص عدد القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق، قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض، في العشرين من ذلك الشهر.

ويوجد نحو 700 جندي أمريكي في الصومال، لمساعدة القوات المحلية على مواجهة حركة “الشباب”، المرتبطة بتنظيم “القاعدة”.

وبالرغم من أن دولا، في مقدمتها تركيا، تدعم القطاع الأمني في الصومال، إلا أن مهامها تقتصر على التدريب والتدابير اللوجستية في بلد يتعافى من حرب أهلية اندلعت بانهيار الحكومة المركزية، عام 1991.

بينما يشمل دور القوات الأمريكية التدريب والاستخبارات وتنفيذ عمليات نوعية على الأرض ضد حركة “الشباب”، وهو ما يجعل إيجاد بديل سريعا في المرحلة الراهنة “شبه مستحيل”.

توقيت قاتل

قال إسماعيل طاهر عثمان، النائب الأسبق لرئيس جهاز الاستخبارات الصومالي، للأناضول، إن “المرحلة الانتقالية في الصومال لا تحتمل قرارا على هذا المستوى (الانسحاب الأمريكي)”.

وتابع: “بينما تنسق المؤسسات الأمنية مع أصدقاء الصومال الدوليين بشأن التدابير اللازمة لتأمين الانتخابات، نزل خبر انسحاب القوات الأمريكية كالصاعقة على القطاع الأمني، وقد يعصف بجهود الاستقرار في البلاد”.

ومن المقرر إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشيوخ (البرلمان) في ديسمبر/كانون الأول الجاري، ثم انتخابات رئاسية مطلع فبراير/شباط المقبل.

وأضاف عثمان أن “القوات الحكومية ليس بمقدورها تأمين الانتخابات، ما يضع هذا الاستحقاق على صفيح ساخن.. والقرار الأمريكي قد يربك حسابات الحكومة”.

ورأى أن “تأثير القرار الأمريكي لا يقتصر على الانتخابات فقط، وإنما سيخلق فراغا أمنيا، ما يعني إعادة الوضع الأمني المستتب إلى مربعه الأول، نظرا لدور القوات الأمريكية البارز في دحر الإرهابيين”.

وقال جيم لانجفين (ديمقراطي)، رئيس اللجنة الفرعية للاستخبارات التابعة للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي، إن التخلي عن شريك مثل الصومال، في ظل استعداده لانتخابات عامة، بجانب حالة الصراع في إثيوبيا المجاورة، هو “القرار الأسوأ”، بحسب بيان له على حسابه بـ”تويتر”، الجمعة.

​​​​​​​ومنذ 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، يشهد إقليم تيجراي الإثيوبي مواجهات بين الجيش الفيدرالي وقوات “الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي”.

تراجع للعمليات الحكومية

حذر حسين معلم، رئيس معهد هيرالى للدراسات الأمنية (خاص)، من أن “الانسحاب الأمريكي من شأنه تراجع عمليات القوات الحكومية، التي تعتمد على نظيرتها الأمريكية لوجستيا واستخباراتيا”.

وأضاف “معلم” للأناضول أن “القوات الخاصة الصومالية التي دربتها واشنطن تمكنت من الحد من نفوذ حركة الشباب جنوب ووسط الصومال من خلال تحييد قيادييها، بفضل المعلومات الاستخباراتية والغارات الجوية التي تنفذها الوحدات الأمريكية في الصومال”.

وحذر من أنه “في غياب المعلومات الاستخباراتية والعمليات الجوية، ستستعيد حركة الشاب نفوذها وتكثف هجماتها على الثكنات العسكرية وفي عمق المدن الكبيرة”.

ومعلقا على القرار الأمريكي، قال قائد القوات الأمنية الصومالية الخاصة (داناب)، كولنيل أحمد عبد الله، في تصريح صحفي لوسائل إعلام محلية، إنه من الصعب تقبل وقف العمليات المشتركة بين القوات الأمنية الخاصة ووحدات من القوات الأمريكية.

ووصف دعم واشنطن للقوات الصومالية بأنه كان عظيما. ومنذ سبتمبر/أيلول الماضي، نفذت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) 46 غارة جوية، بهدف تقويض قدرات حركة “الشباب” جنوب ووسط الصومال، بينما نفذت نحو 64 غارة، العام الماضي.

استسلام وهدية

اعتبر عضو الكونغرس الأمريكي، لانفجين، أن قرار ترامب سحب القوات من الصومال يمثل “استسلاما للقاعدة وهدية للصين”.

وحذر من أن هذا القرار يجعل من الصعب على الدبلوماسيين الأمريكيين وعمال الإغاثة أداء مهامهم.

فيما قال “معلم” إن “قرار واشنطن يتيح لمقاتلي الشباب استعادة ما خسروه من نفوذ جراء العمليات الأمنية في السنوات الماضية.. ومراكز القوات الإفريقية والحكومية في الصومال ستصبح في مرمى نيران الحركة”.

كما أن الانسحاب الأمريكي سيمكن مسلحي الحركة من العودة إلى استخدام سيارات نقل عسكرية ومفخخة في هجماتهم، بعد أن كانت هذه السيارات هدفا لغارات أمريكية، ما دفع الحركة إلى اللجوء لعمليات كر وفر.

وغداة القرار الأمريكي، شنت حركة “الشباب”، للمرة الأولى منذ نحو سنة، هجوما في ليلة واحدة على أربعة مراكز عسكرية إفريقية في إقليمي شبيلى وجوبا السفلى (جنوب)، وهو ما يعد مؤشرا خطيرا.

وخسرت الحركة عشرات من قيادييها خلال عمليات نوعية وغارات جوية نفذتها القوات الصومالية ووحدات من القوات الأمريكية المتمركزة في بلدة بلدوكلى بإقليم شبيلى السفلى.

البحث عن بديل

يفرض الانسحاب الأمريكي على مقديشو البحث سريعا عن بديل.

وقال أحمد عبد الله، قائد القوات الخاصة الصومالية، إن إيجاد بديل في المرحلة الراهنة يبدو شبه مستحيل، فدعم واشنطن لم يكن وليد لحظة، وإنما استغرق سنوات لتأهيل وتعزيز القدرات القتالية للقوات الأمنية.

أما عثمان فرأى أن “الولايات المتحدة لديها سياسة مدروسة تجاه (منطقة) القرن الإفريقي.. قد تتغير قواعد اللعب حول أنشطتها العسكرية، لكنها لن تتخلى عن المنطقة، في وجود منافسين دوليين يبحثون عن موطئ قدم، خاصة في الصومال”.

وتابع أن “قرار الانسحاب يأتي ضمن الوعود الانتخابية لترامب، حيث يسعى للإيفاء بوعوده قبل انتهاء ولايته، لكن الإدارة القادمة (برئاسة جو بايدن) ربما لا تتفق معه، وقد تعيد القوات، إن لم تقم بزيادتها”.

وختم حديثه بأنه “في الوقت الراهن لا يوجد بديل (للقوات الأمريكية)، لعدم وجود قوات أجنبية بهذا العدد، غير القوات الإفريقية.. إيجاد بديل قد يستغرق وقتا طويلا، ما لم تغير واشنطن موقفها”.

مختارات-الأناضول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى