العالمرئيسي

لماذا أصبح الغرب “أقل قلقاً” بشأن التهديد النووي الروسي في أوكرانيا؟

رجحت صحيفة “فاينانشال تايمز” أن الغرب أصبح “أقل قلقاً” بشأن التهديد النووي الروسي بدافع من اعتقاد الولايات المتحدة وحلفائها بأن نشر مثل هذه الأسلحة، ينطوي على مخاطر كبيرة للغاية بالنسبة لموسكو، في وقت لم يستبعد مسؤولون ومحللون غربيون احتمال أن تستخدم موسكو في نهاية المطاف “أسلحة نووية تكتيكية” لتحقيق مكاسب في أوكرانيا.

وقالت الصحيفة البريطانية إنه على الرغم من تلويح موسكو باللجوء إلى هذه الأسلحة، ناهيك عن امتلاكها أكبر ترسانة نووية في العالم، فإن مسؤولي استخبارات ومحللين غربيين لا يعتقدون إلى حد كبير أن موسكو ستنفذ “ضربة كارثية” ضد دولة غربية ما.

لكن المسألة الأهم الوقت الراهن، تتمثل في تحديد إذا ما كان بوتين ربما يلجأ إلى استخدام ما يسمى بالأسلحة النووية التكتيكية الأصغر، لتحقيق مكاسب في ساحة المعركة في أوكرانيا.

والشهر الماضي، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” وليام بيرنز: “بالنظر إلى اليأس المحتمل للرئيس بوتين والقيادة الروسية، وبالنظر إلى الانتكاسات التي واجهوها عسكرياً حتى الآن، لا يمكن لأي منا أن يتعامل باستخفاف مع التهديد الذي يمثله اللجوء المحتمل إلى الأسلحة النووية التكتيكية أو الأسلحة النووية محدودة الأثر”. 

لكنه أضاف أنه “حتى الآن لم نر الكثير من الأدلة العملية على ذلك النوع من عمليات الانتشار أو الترتيبات العسكرية التي من شأنها أن تعزز هذا القلق”.
 
ووفقاً للصحيفة، يعتقد مسؤولون ومحللون غربيون أن روسيا أجرت تقييماً خلص إلى أن تكلفة استخدام الأسلحة النووية من أي نوع ستكون باهظة للغاية، وبدلاً من ذلك تتخذ موسكو مواقف تهدف لردع الولايات المتحدة وحلفائها عن المشاركة على نحو أكبر في الحرب.

انشغال روسي في دونباس

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي لم تكشف هويته قوله إن “الروس منشغلون تماماً بما يحدث في دونباس، وليس لديهم أي قوى أو وقت للتعامل مع توسع الصراع مع الناتو أو تصعيد الصراع، لأنهم يعلمون أننا سنرد بقوة شديدة”.

بينما توقعت ليونور توميرو، التي شغلت منصب كبيرة مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) للسياسة النووية في السنة الأولى لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أن استخدام روسيا لسلاح نووي تكتيكي في أوكرانيا سوف “يحشد العالم بأسره” ضد روسيا.

وقالت في تصريح للصحيفة إنه إذا استهدفت موسكو المدنيين، فسيشكل هذا “دفعة قوية” للولايات المتحدة للتدخل عسكرياً.

وتابعت: “لا نريدهم (الروس) أن يخطئوا في التقدير. يجب أن نوضح أنه ستكون لأي خطوة من ذلك عواقب وخيمة”.

تعزيز المساعدات

وأشارت الصحيفة إلى أنه مع تلاشي مخاوف الغرب بشأن التهديد بضربة نووية روسية إلى حد ما، زادت الولايات المتحدة وحلفاؤها من المساعدة العسكرية إلى كييف، وسط مخاوف أقل من انتقام موسكو وبدأوا في إرسال أسلحة ثقيلة خلال الأسابيع القلائل الماضية.
 
لكن في الوقت نفسه، أفاد مسؤول أميركي بأن إدارة بايدن كلفت في فبراير مجموعة تسمى “تايجر تيم ” بوضع خطط طوارئ لمخاطر التصعيد المحتملة، مثل استخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية أو نووية.

وأشار مسؤولون إلى أنه منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لم تغير واشنطن موقفها النووي أو مستويات التأهب بالنسبة لأميركا أو حلفائها. لكن المسؤولين يحذرون من أن روسيا قد تصعد تكتيكاتها بطرق أخرى قبل أن تفكر في اللجوء إلى الأسلحة النووية.

في هذا السياق، قال آدم شيف، الرئيس الديمقراطي للجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي، الذي عاد هذا الأسبوع من رحلة إلى كييف: “من الواضح أننا يجب أن نكون على أهبة الاستعداد للاستخدام المحتمل للأسلحة الكيميائية أو البيولوجية”.

وأضاف: “علينا أن نراقب عن كثب موقف القوة النووية الروسية وأن نتأكد من تدريب وكالات الاستخبارات لدينا على هذا الهدف المحدد بحيث إذا تغير أي شيء، فإننا نكون على استعداد له”.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثار قلق العالم في فبراير عندما وضع قواته النووية في حالة تأهب قصوى. والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مقابلة مع التلفزيون الروسي الرسمي: “إن خطر (وقوع ضربة نووية روسية) خطير وحقيقي. ويجب ألا نقلل من شأنه”.

“سلاح نووي” في أوكرانيا

مع ذلك، لم يستبعد مسؤولون ومحللون أميركيون احتمال أن تستخدم روسيا في نهاية المطاف أسلحة نووية قصيرة ومتوسطة المدى قادرة على الوصول إلى أوكرانيا، حيث يعاني جيشها من انتكاسات وسط استنزاف قواتها التقليدية في الصراع.

في هذا الإطار، قالت ريبيكا هاينريش، الخبيرة النووية في معهد هدسون الأميركي للأبحاث، إن مثل هذه الخطوات “سوف تعود إلى حساب التكلفة والفائدة من قبل الروس”.
  
وأضافت: “يجب أن ينصب التركيز الآن على إرسال إشارات إلى الروس بأن التكلفة ستكون أعلى بكثير من أي شيء يعتقدون أنهم سيستفيدون منه إذا استخدموا سلاحاً نووياً.. حتى لو كان في حقل كبير فارغ”.
  
بينما قال سكوت ساجان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستانفورد، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاجون، إنه بينما يريد المسؤولون الأميركيون أن تعرف موسكو أنه ستكون هناك عواقب وخيمة لاستخدام الأسلحة النووية، فإن جزءاً من استراتيجية الردع هو على النقيض تجنب الإشارة بالضبط إلى التكاليف التي ستترتب على هذه الخطوة.
 
وتنص أحدث مراجعة للموقف النووي لإدارة بايدن، والتي لم يتم الإعلان عنها بعد، على أن الأسلحة النووية لن تستخدم إلا لردع هجوم نووي على الولايات المتحدة أو حلفائها، أو الرد عليه.

الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى