تحليل الاستراتيجيةرئيسي

قراءة في التطورات الأخيرة في المشهد الليبي

احتل الشأن الليبي مساحة كبيرة في وسائل الإعلام العربية والعالمية بالفترة الأخيرة نظرا للمستجدات التي طرأت عليه ، إذ اختتم مؤتمر “برلين 2” أعماله في العاصمة الألمانية في 23 يونيو/حزيران الفائت. وصدرت عن المؤتمر مخرجات أهمها الدعوة إلى ضرورة خروج جميع “المرتزقة” من ليبيا دون تأخير، و أيضا دعوة مجلس النواب الليبي و المجلس الأعلى للدولة، إلى الاتفاق على المناصب السيادية و عقد انتخابات”حرة ونزيهة” في وقتها.

وانعقدت مؤخرا  جلسة ملتقى الحوار الليبي لبحث المسائل العالقة بشأن القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات المقررة نهاية العام الجاري ، و التي فشلت بسبب إصرار أتباع اللواء المتقاعد خليفة حفتر على تفصيل شروط الترشح للرئاسة على مقاسه  وفقا لمراقبين.

وأثارت التصرفات العسكرية المتمثلة بإعلان ميليشيات حفتر إطلاق عملية عسكرية في الجنوب الليبي، و إصرارها على عدم فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها، قبل أن ترضخ للضغوط الدولية، قبل ساعات من انطلاق مؤتمر برلين الثاني التساؤلات حول مدى التزام هذه الأطراف بسير العملية السياسية في ليبيا. إذ  تعتبر مثل هذه التصرفات انتهاكا صريحا لأوامر المجلس الرئاسي، و أيضا اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عليه في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020.

مجلة M5  حاورت الناشط   السياسي الليبي إبراهيم قصودة للوقوف على تحركات ميليشيات حفتر الأخيرة، التي تسببت بتوتر مع الجارة الجزائرية أيضا التي ستتبعها بمناورات، وللحصول على قراءة عامة للمشهد السياسي الأخير.

يرى الناشط الليبي إبراهيم قصودة في تحركات ميليشيات حفتر التي سبقت انعقاد “مؤتمر برلين2″ في الجنوب الليبي بزعم ملاحقة من وصفتهم ب”الإرهابيين التكفريين” بوصفها تحركا يحمل أهدافا متعلقة بالسيطرة على المراكز الانتخابية ومنع ترشح أي شخص غير موالي له.

و يضيف قصودة فيما يتعلق بإمكانية كون التحركات الأخيرة لميليشيات حفتر جاءت على خلفية  تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون  عندما قال”إن البلاد كانت ستتدخل لمنع سقوط العاصمة الليبية طرابلس في يد المرتزقة”،  أن “حفتر لا يقدر على التحرش بالجزائر ولا يجرؤ على الاقتراب من حدودها لكنه يمكن أن يستقزها إذا أراد عرقلة الانتخابات وخلق صراع  إقليمي جديد ولهذا حاول استفزاز الجزائر لخلط المزيد من الأوراق في المشهد الليبي”.

ويتابع قصودة ” أي طرف لا يعجبه أن يخرج الليبيون من المراحل الانتقالية وتكوين سلطة قوية هو مستفيد من أي حراك عسكري  وعودة الأمور إلى مربع الصفر وهو الاصطفاف العسكري كما حدث في السنوات الماضية”.

وحول مدى سلطة وتأثير المجلس الرئاسي الليبي الذي كان قد حظر أي تحركات عسكرية في البلاد إلا بعد موافقته،  فيقول قصودة إن “حفتر لا يعير اهتماما لقرارات المجلس الرئاسي الذي لم يستطع تسميته بالاسم حتى في قرارته” على حد وصفه.

وفيما يتعلق بالزيارة التي أجراها رئيس المخابرات المصرية عباس كامل إلى الشرق والغرب الليبي، واحتمالية كونها محاولة من مصر للتوفيق بين أطراف اللعبة السياسية في ليبيا، فيجيب قصودة  أن هذه الزيارة  “ما هي إلا محاولة دولية لثني حفتر على التمسك بالخيارات العسكرية”، ويتابع” الدليل أن حفتر بعد زيارة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل ، رفض فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها وأصر على عدم فتح الطريق رغم موافقة المنطقة الغربية على فتح الطريق، وكان ذلك بتمثيل سياسي كبير من جانب حكومة السيد عبد الحميد الدبيبة الذي افتتح الطريق بشكل رسمي من الجانب الغربي للبلاد “.

ويرى قصودة أن” مصر السيسي لا يمكن لها أن تتخلى عن حفتر لأنه خيار استراتيجي.  فهو يملك نفس العقلية العسكرية الكلاسيكية التي تحكم مصر بالقوة “.

ووفقا ل قصودة،  فإن التواصل المصري  مع الحكومة الجديدة هو نوع من  “النفاق السياسي ” على أساس أن مصر تقف على خط واحد متساوي مع جميع الأطراف المتصارعة في ليبيا وهذا “غير صحيح بالمرة”على حد تعبيره.

وحول مؤتمربرلين 2 ، بالنسبة ل”قصودة”  ، فلا يمكن التعويل على الأمم المتحدة في حل الصراع الليبي، ويقول في هذا الإطار “الأمم المتحدة كانت أحد الأسباب الرئيسيّة في زيادة حدة الانسداد السياسي “.

ويكمل” أدخلت الأمم المتحدة مجرم الحرب حفتر في المعادلة السياسية وأعطت ضمانات بأن كل الاتفاقات ستنفذ على الأرض، إنما حفتر لا يؤمن بالحل السياسي و لا يمكن الوصول إلى حل سياسي و حفتر متواجد في المنطقة الشرقية”.

ومن المحتمل أن تحمل الأيام القادمة القليلة في ليبيا  المزيد من الأحداث و التطورات النوعية ، سيما مع احتداد التدخلات الإقليمية والدولية باقتراب الاستحقاق الانتخابي الذي تود جميع الأطراف  أن تتوافق نتائجه مع مصالحها.

آلاء تركماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى