العالمرئيسي

كيف غير غزو روسيا لأوكرانيا جوانب ثابتة في السياسة الألمانية منذ عقود؟

بعد ثلاثة عقود من انهيار جدار برلين الذي بناه الاتحاد السوفيتي، انعكس الغزو الروسي لأوكرانيا على استراتيجيات ألمانيا التي طالما اعتمدت على التجارة والحوار بدلا من القوة الصلبة.

قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، مخاطبا البرلمان، إن القوة الاقتصادية لأوروبا ستضاعف إنفاقها العسكري وستشتري مقاتلات أميركية الصنع للمرة الأولى منذ عقود تتمثل في “جوهرة التاج” (F-35)، وستخلق احتياطيات طاقة استراتيجية للابتعاد عن إمدادات الطاقة الروسية.

وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إن تصريحات شولتس تمثل “لحظة فاصلة” لأكبر دولة في أوروبا الغربية وتظهر كيف أن غزو أوكرانيا شكل صدمة قوية في جميع أنحاء القارة.

وذكرت الصحيفة الأميركية أن الإجراءات الألمانية الجديدة بعكس سياستها الخارجية السابقة تؤكد مدى تأثير هجوم روسيا على أوكرانيا على السياسة الأوروبية.

قالت ألمانيا إنها ستعزز الإنفاق العسكري السنوي بما يفوق هدف حلف شمال الأطلسي (الناتو) المتمثل في 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بعد أن كان حوالي 1.5 بالمئة العام الماضي.

قال شولتس، الأحد، إن “بوتين يريد إقامة إمبراطورية روسية”، مضيفا أن ألمانيا ستقاتل لحماية الديمقراطية الأوروبية من روسيا والدفاع عن “كل متر مربع” من أراضي الناتو. 

مثل جميع دول الناتو بما في ذلك الولايات المتحدة، قالت ألمانيا إنها لن تتدخل عسكريا في أوكرانيا. لكن برلين وعواصم غربية أخرى تتطلع بشكل متزايد إلى مساعدة أوكرانيا بكل الوسائل باستثناء التدخل المباشر في الحرب.

كذلك، تعهد شولتس بإنهاء اعتماد ألمانيا على الطاقة الروسية مما يعكس سياسة دامت عقودا مكنت برلين من الوصول إلى الطاقة الرخيصة، ولكنها ربطتها بشكل أقرب إلى موسكو. 

وساعدت الحكومات السابقة في بناء خطي أنابيب تحت الماء لضخ الغاز الطبيعي مباشرة من روسيا إلى ألمانيا. 

وتحصل ألمانيا حاليا على أكثر من نصف احتياجها للغاز وربع احتياجها للنفط عن طريق الشركات الروسية التي تسيطر عليها الدولة.

لطالما خفضت العديد من الدول الأوروبية قدراتها العسكرية بعد انتهاء الحرب الباردة، معتقدة أن النظام القاري القائم على الاعتماد الاقتصادي المتبادل قد جعل الحرب التقليدية في المنطقة أمر عفى عليه الزمن. 

ألمانيا، على سبيل المثال، خفضت عدد دبابات القتال الرئيسية من 5000 عام 1989 إلى 300 دبابة في الوقت الحالي، بينما خفضت قواتها المسلحة من حوالي 500 ألف فرد إلى حوالي 180 ألف الآن.

قبل أيام، قالت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة، أنغريت كرامب كارينباور، على تويتر، “أنا غاضبة جدا من أنفسنا لفشلنا التاريخي”. 

وفي إشارة إلى الهجمات الروسية المتكررة على الدول المجاورة لها خلال السنوات الأخيرة، أضافت: “لم نعد أي شيء من شأنه أن يردع بوتين حقا”.

وقال إريك فاد، العميد المتقاعد الذي كان مستشارا للسياسة العسكرية للمستشارة السابقة أنغيلا ميركل، إن ألمانيا بحاجة إلى تغيير في طريقة تفكيرها لمواءمة قدرات قتالية أكثر فاعلية مع إرادة سياسية قوية.

وأضاف فاد: “إنفاق روسيا أعلى بنسبة بسيطة من الإنفاق الألماني، ومع ذلك فإن جيشنا أضحوكة وجيشهم يهدد العالم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى