الساعة الذرية… خطوة مهمة في طريق الGPS الوطني لتركيا
صرف الإنسان منذ نشأته، جهوداً كبيرة من أجل تحديد الزمن بشكل صحيح، و حاول القدماء تحديد الزمن عبر طرق مختلفة من خلال تعقب وقت شروق وغروب الشمس، ومراقبة الأجسام الفضائية و مراحل تشكل القمر و القيام بتسجيل كل هذه المعلومات.
وتمكنوا بفضل هذا من تنظيم يومهم، إلا أن خروقات وتجاوزات كانت تحصل في تحديد الوقت الصحيح، ليش بالثواني بل بالساعات. وبدأت عملية تحديد الوقت بشكل صحيح تحرز تقدماً لافتاً مع البدء بإنتاج الساعات الذرية.
أنتجت الساعة الذرية الأولى في عام 1949 بجهود المعهد الوطني للمعايير والتقنية NİST ، إلا أن هذه الساعة التي تعمل بدرحة حرارة الغرفة وتملك مازر الأمونيا ، دقتها كانت ضئيلة جداً مقارنة بالساعات الذرية اليوم.
واعتباراً من عام 1967 أصبح بالإمكان تحديد الثواني حتى، بسبب استخدام ذرات SEZYUM-133 في الساعات الذرية.
وإذا تحدثنا عن معيار التردد في الساعات الذرية، فهي تستخدم ترددات الفوتونات التي تنشرها الذرات. ويمكن تشبيه صوت الفوتونات المنتشرة بصوت التكات التي تصدر من ساعاتنا، وتستخدم الساعات الذرية ذرات SEZYUM-133.
ويبلغ تردد الانتقال بين مستويين من الطاقة في ذرات Sezyum-133 9.192.631.770 Hz (s-1)
بمعنى آخر إن المجالات الكهربائية والمغناطيسية للضوء التي تنشرها ذرات SEZYUM-133 ترسل بمقدار 9.192.631.770 في الثانية. وإذا بسطنا أكثر يمكننا القول كساعة اليد التي تصدر صوت التكات . وهناك احتمال ضعيف جداً للانحراف بسبب هذا المستوى العالي من التردد والذي يبلغ
9.192.631.770 في الثانية
وفي عام 2018 تم تطوير ساعة ذرية مرة أخرى من قبل المعهد الوطني للمعايير والتقنية NİST. هذه المرة وصلت الساعة الذرية التي أنتجت ب İTERBİYUM إلى درجة لا تصدق من الدقة إذ هناك احتمال أن تنحرف ثانية واحدة فقط كل 14 مليار عام.
وتملك الساعة الذرية أهمية كبيرة في يومنا هذا من أجل نظام التموضع العالمي ال GPS والانترنت.
الجدير بالذكر أن أساس هذه التقنية قائم على تعيين الزمان بشكل صحيح و جعله متناسقاً في كل مكان.
ولأن تركيا ترغب في أن تكون محلية في هذا الموضوع و رغبتها في أن تطور نظام التموضع العالمي فقد طورت ساعة ذرة على شكل مختبر.
وأدلى مدير المعهد الوطني للقياس في شركة توبيتاك، مصطفى جتين تاش، بمعلومات حول الساعة المنتجة، إذ قال:
“نسعى لأن نجعل ساعتنا الذرية التي أنتجناها مؤهلة للفضاء، بتعبير آخر، نواصل أعمالنا من أجل جعلها ملائمة للمكان الذي تتواجد فيه.”
وتابع :” يمكن عبر وضع ساعتنا الذرية في قمر صناعي، وحساب الإشارات التي تأتي من الساعة الذرية الموجودة في ذلك القمر ، حساب موقعكم بدقة بضعة أمتار فقط…بالفعل إنه منتج استراتيجي للغاية “.
وتجري أعمال تطوير نظام تحديد الموقع الوطني لتركيا، بالتوازي مع أعمال تطوير الساعة الذرية.
وقريباً سينتهي زمن الساعات الذرية القائمة على أساس SEZYUM-133، وستحل محلها ساعات STANSİYUM و İTERBİYUM القائمة على أساس بصري. وبدأ المعهد الوطني للقياس لتوبيتاك العمل على ساعات STANSİYUM القائمة على أساس بصري. هذه الساعات هي المستقبل وستصل دقتها إلى مستويات لا تصدق.
على سبيل المثال النظرية النسبيةالعامة، تختلف وفق سرعة تدفق الوقت على مجال الجاذبية، بمعنى آخر، الأماكن التي تكون فيها الجاذبية أكبر يسري الوقت فيها بوقت أبطأ. وإذا كنا نتحدث عن الأرض، فإن سرعة تدفق الوقت في مستوى البحر، أقل من سرعة تدفقه في الرقم العالية، إلا أن هذه الفروق تكون ضئيلة.
مثلاً إذا أخذنا منطقتين يبلغ فارق الارتفاع بينهما 1000 متر، فإنه سيكون فارق الزمن بين المنطقتين هو 1 من 30 مليون في الثانية بعد عشرة أعوام . ومن المستحيل حساب هذا الفارق في أوقاتنا العادية.
ولكن بفضل الساعات الذرية، فيمكن حساب الانحرافات الناتجة عن اختلاف سرعة تدفق الزمن مقارنة بالعلو.
الساعة الذرية İTERBİYUM الأخيرة التي تم تطويرها هي دقيقة للغاية، بإمكانها حساب الاختلافات في الارتفاع من فئة السنتمتر. يذكر أنه يمكن عبر استخدام الساعة الذرية حساب مجال الجاذبية الأرضية.