رئيسيعام

المرتزقة..لاعب جديد في “الحروب بالوكالة” يقضي على سيادة الدول

قالت صحيفة “لاراثون” الإسبانية، إن “صناعة المرتزقة، باعتبارها جهة فاعلة ضاربة في القدم، عادت إلى ساحات الحروب في القرن الـ21 واكتسبت أهمية بارزة جديدة على الساحة الدولية”.

وأوضحت أن “شخصية المرتزق أو جندي الحظ، لعبت منذ ما يقارب عقدين من الزمن، دورا متزايد الأهمية على الساحة الجيوسياسية العالمية”.

وأشارت الصحيفة إلى أنه “في السنوات الأخيرة، ظهرت شركات متخصصة في تقديم الخدمات الأمنية السلاح في أماكن متنوعة مثل سوريا أو نيجيريا، ومرت عبر ليبيا واليمن”.

وأضافت: “بهذه الطريقة، اقتحمت هذه الجهات الفاعلة الجديدة مشهد الحرب في القرن الـ21، بطريقة عمل ومقترحات ليست بجديدة”. 

صناعة مزدهرة

ولفتت “لاراثون” إلى أن “مصطلح المرتزقة الحديث مرتبط بشكل وثيق في مخيلة الكثيرين بأسماء مثل بلاك ووتر (شركة أميركية)، وأيضا بصورة الشركات العسكرية الخاصة الأميركية التي لعبت دورا رئيسيا في تدخلات واشنطن في العراق أو أفغانستان”. 

وذكرت أنه “خلال هذه الحملات الأميركية خارج حدودها، بدأت الشركات العسكرية الخاصة في الظهور بكثافة للعلن، إذ في العراق، ينتمي 50 بالمئة من الجيش الأميركي المنتشر في البلاد إلى الشركات العسكرية الخاصة”.

أما في أفغانستان، فقد تجاوز هذا الرقم نسبة 70 بالمئة في ذروته، رغم عدم وجود كل هؤلاء في مواقع قتالية، وفق “لاراثون”.

لكن الصحيفة الإسبانية قالت: “في الوقت الراهن، فإن الحجم الحقيقي لهذه الصناعة غير معروف، لكن إنها حاضرة في كل صراع جديد، من إقليم قره باغ الأذري، مرورا باليمن أو السودان”. 

وأوضحت أنه “رغم أن الحروب بين الدول تبدو في العقود الأخيرة على وشك الانقراض، إلا أن الصراعات من خلال الوسطاء أو الحروب بالوكالة ازدهرت وأصبحت أحد الأشكال الرئيسية للصراعات في القرن الحادي والعشرين”.

وأكدت أن “هذه الحروب تتميز بكونها مواجهات غير مباشرة، تدار من خلال أطراف ثالثة، بين قوى عالمية أو إقليمية؛ مما يخول لها أن تتجنب المواجهة على الخطوط الأمامية”.

وأضافت الصحيفة: أنه “في الآن ذاته، لا تكون أطراف الصراع في هذه الحروب الهجينة واضحة؛ مما يفسح المجال لمزيد من التدخلات من قبل أولئك الذين يرغبون في التأثير على نتائجها”.

وأوردت أن “أنظمة مثل نظام آيات الله في إيران، رأت في هؤلاء المقاتلين فرصة مثالية لخدمة مصالحهم الجيوسياسية في مناطق شديدة الاضطراب، ومن المعروف أن مليشيات طهران الشيعية تنتشر في لبنان والعراق وأفغانستان واليمن”.

واعتبرت “لاراثون” أن “هذا النوع من الحروب بالوكالة أصبح بالنسبة لمختلف الشركات العسكرية الخاصة بمثابة الوريد الذي يمول واحدة من أكثر الصناعات ازدهارا، وفي بعض الأحيان، يُجرى دفع الخدمات من خلال التنازل عن الأراضي، وكذلك حقوق استغلال مواردها، مثل آبار النفط”. 

وشددت على أن “في وقتنا الراهن، توجد عدة دول تتعامل مع هذا النوع من الخدمة، منها الإمارات التي لديها أكثر من 3 آلاف جندي سوداني في ليبيا، وتملك تحت سيطرتها أيضا حوالي 1800 جندي كولومبي يشارك نيابة عنها في حرب اليمن”.

الرجال الخضر

وقالت الصحيفة الإسبانية: إن “شركة فاغنر (الروسية) تعتبر دون أي شك إحدى الشركات العسكرية ذات القدرة التشغيلية العالية”.

وأضافت: أن “هذه المجموعة أثبتت أنها أداة فعالة على المستوى العالمي، بعد مشاركتها في عمليات في 4 قارات لخدمة المصالح الروسية دائما، لأنها  أنشئت أساسا لتتدخل في نزاع منطقة دونباس في أوكرانيا (2014)”.

واعتبرت أنه “في هذه الحرب، قاد ما يسمى (الرجال الخضر الصغار)/مرتزقة روس، عملية الاستيلاء على شبه جزيرة القرم وانتفاضة الوحدات الموالية لروسيا في لوغانسك ودونيتسك، من خلال فرض بروتوكول عمل أدى إلى زعزعة النظام العالمي.

وتنتمي مجموعة “فاغنر” إلى رجل الأعمال يفغيني بريغوزين، الذي تتجاوز علاقاته بالرئاسة الروسية (الكرملين)، العلاقات الاقتصادية البسيطة، حيث إنه مرتبط بجهاز المخابرات العسكرية في الاتحاد الروسي، والمعروف باسم مديرية المخابرات الرئيسية. 

وأشارت “لاراثون” أن “فاغنر، مدربة من قبل عملاء مديرية المخابرات الرئيسية ولديهم قدرة تشغيلية تفوق قدرة العديد من وحدات القوات المسلحة الغربية، بالإضافة إلى الخبرات المتراكمة في مناطق صراع مثل ليبيا أو سوريا، أو حتى كقوة تدريب عسكرية في فنزويلا”. 

وأردفت: أن “الشركات العسكرية الخاصة تلعب اليوم دورا رائدا في المجال الجيوسياسي، واقتحمت مجالا كان حتى الآن مساحة حصرية للدولة؛ ألا وهو المجال العسكري”.

وقالت الصحيفة: “إذا كان التنافس بين الدول حتى اليوم قادرا على أن يصبح صراعا، فإن الظهور المفاجئ لهذه الكيانات الجديدة قد أدى إلى تآكل الاحتكار المفترض للعنف الذي كان يسمح للدولة فقط بأن تمارسه”. 

تآكل الدول

وطرحت “لاراثون” العديد من الأسئلة، أولها حول إمكانية التشكيك في الجوانب الرئيسية الأخرى لسيادة الدول في المستقبل؟ وهل يمكن أن تسيطر الشركات العسكرية الخاصة على الأراضي والأشخاص والموارد؟ وهل تستطيع الشركات الأخرى تطوير قدرات إستراتيجية؟

ودعت إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار حجم بعض الشركات الحديثة التي تتجاوز قيمتها في سوق الأسهم بكثير الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول.

وأشارت الصحيفة إلى أن “العالم اليوم غير قادر على توفير استجابة مناسبة لبعض التهديدات العالمية العابرة للحدود والتي تتطلب استجابة منسقة وردا مشتركا بين جميع الدول”.

وأوضحت أن “قضايا مثل تغير المناخ، والاتجار بالمخدرات، والإرهاب، أو الهجرة، تتطلب عموما، مرونة جديدة في البنية الجيوسياسية العالمية”.

وأكدت الصحيفة أن “تآكل الدول على الساحة الدولية أصبح واضحا، وعلى الرغم من أن النظرية الواقعية للعلاقات الدولية تعتبر أن الدولة هي الفاعل الرئيسي، إلا أننا شهدنا خلال السنوات الـ74 الماضية ظهور منظمات جديدة بدأت تلعب دورا أكبر على الساحة العالمية”.

ومن منظمة الأمم المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، مرورا بالتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود مثل “القاعدة”، أو ظهور شركات متعددة الجنسيات في المشهد الاقتصادي العالمي؛ شهد العالم تراجعا مستمرا لأهمية الدولة في مواجهة هؤلاء الفاعلين الجدد. 

وشددت “لاراثون” على أن “هذا التآكل لمفهوم الدولة يمكن أن يكون خطيرا، وفي عالم معولم بشكل متزايد حيث يتنامى الترابط الدولي؛ من المفارقات أن نشهد تزايد المشاعر القومية والانعزالية على الساحة الدولية”.

وخلصت الصحيفة إلى أن “العالم يشهد نقلة نوعية في العلاقات الدولية، خاصة في ظل فقدان الدولة لوجودها؛ لأنها لم تعد الجهة الفاعلة الرئيسية، حيث بدأ هذا التلاشي بالتبلور عبر مشاركة الدول للمشاهد السياسية والعسكرية مع جهات فاعلة جديدة، حديثة وأقل خبرة”. 

مختارات الصحف-صحيفةالاستقلال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى