قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو إن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب في التعاون مع بلاده بخصوص ملفات عديدة.
جاء ذلك في تصريحات، أدلى بها الوزير، مساء الأربعاء، خلال مقابلة أجرتها معه قناة “تي آر تي” الحكومية التركية، وتطرق خلالها للحديث عن عدد من القضايا المحلية والدولية.
وذكر تشاووش أوغلو في تصريحاته “نرى رغبة لدى الولايات المتحدة للتعاون معنا في ملفات عديدة من البحر المتوسط إلى البحر الأسود وحتى القوقاز وليس في مسألتي ليبيا وسوريا فقط”.
وتابع “كما نرى أن الولايات المتحدة لديها رغبة في العمل مع تركيا في العديد من المجالات الاستراتيجية، ولمحنا ذلك لدى وزير الخارجية أنطوني بلينكن، والمسؤولين الآخرين، ولدى بايدن أيضًا”.
وزاد قائلا “وهناك الكثير من الأسئلة التي سنحاول إيجاد أجوبة لها، وهي كيف سنحل هذه المشاكل(بين البلدين)، وهل سنتمكن من تعزيز هذا التعاون في وقت نقوم فيه بإصلاح العلاقات من أجل المستقبل؟ وما هو الذي علينا القيام به من أجل تحقيق هدف الوصول بحجم التجارة بين البلدين إلى 100 مليار دولار كما كان مخطط خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب؟”.
وأوضح تشاووش أوغلو أنه سلّم نظيره الأمريكي، بلينكن خلال لقاء سابق جمعه به، وثيقة رؤية تتضمن الإجراءات التي يجب اتخاذها لحل المشاكل القائمة وتحويل العلاقات الثنائية إلى علاقات استراتيجية حقيقية، مشيرًا أن الوزير أبلغه في آخر اتصال بينهما أنهم درسوا الوثيقة وسيبلغون الجانب التركي ردهم.
كما ذكر أن “الولايات المتحدة ترغب بالعمل مع تركيا بشكل أفضل في هذه الفترة بخصوص سوريا”، مضيفًا “فلقد كانت منفصلة عن المسألة السورية تماما لفترة، وكانت مهتمة بشمال شرقها فقط، ولم تكن إدارة ترامب مهتمة بليبيا، لكن واشنطن الآن تهتم عن كثب بالشأن الليبي”.
** المباحثات مع القاهرة
وفي شأن آخر، قال تشاووش أوغلو إن المحادثات الجارية بين بلاده ومصر تقدمت بشكل تدريجي ووصلت إلى مستوى وزراء الخارجية، لافتًا أن موعد الاجتماع المرتقب مع نظيره المصري، سامح شكري، لم يتحدد بعد.
وأوضح الوزير أن اجتماع وزيري خارجية البلدين، وإعادة السفراء بشكل متبادل سيحدث خلال الفترة المقبلة، مشددًا على أن الجهود ستبذل لجعل العلاقات أفضل من ذي قبل.
وجدد الوزير التركي تأكيده على أن الاتصالات والمباحثات بين الجانبين “تسير حتى هذه اللحظة بشكل رائع للغاية”.
تشاووش أوغلو أشار في تصريحاته كذلك أن تركيا ومصر “ليسا على جانبين منفصلين” بشأن القضية الليبية، مضيفًا “والمجال الآخر الذي يمكن للبلدين التعاون فيه هو قضية فلسطين”.
وأردف قائلا “إذا تم تطبيع علاقاتنا مع مصر، فهناك العديد من المجالات والدول التي يمكننا التعاون بشأنها، وهي مجالات ودول بحاجة لمثل هذا التعاون”
** منظومة “باتريوت” الأمريكية
وفي شأن آخر تطرق الوزير التركي إلى الحديث عن أزمة منظومة الدفاع الجوي الروسي “إس-400″، والتي تسببت في حدوث توتر بين أنقرة وواشنطن التي ترفض تلك الصفقة.
وشدد الوزير في هذه النقطة على أنه في حال عدم تقديم الولايات المتحدة ضمانات بشأن بيع منظومة الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت” لتركيا، فإن أنقرة بإمكانها شراء أنظمة دفاع جوي من حلفائها الآخرين.
وبيّن أن “البلدين(روسيا والولايات المتحدة) ينافسان بعضهما البعض، وواشنطن تتصرف في هذه الأزمة(الخاصة بالمنظومة الروسية) بمنطق فرض الإملاءات قائلة: لا يمكنك شراء المنظومة الدفاعية من الدولة التي أعارضها”.
وأضاف تشاووش أوغلو “أليست لدى حلف(شمال الأطلسي) الناتو حساسية حيال هذا الموضوع، وألم يقل أمينه العام(ينس ستولتنبرغ)، من قبل: حلفاؤنا يمكنهم شراء منتجات الصناعات الدفاعية من المكان الذي يرغبون؟”
وأوضح أن الولايات المتحدة تزعم أن المنظومة الروسية تتعارض مع النظام الدفاعي لحلف الناتو، مضيفًا “فما كان منا إلا أن قدمنا اقتراحًا بتشكيل لجنة فنية لبحث هذا الأمر، لكنهم رفضوا لأنهم يعرفون أنها مزاعم غير صحيحة”.
وشدد الوزير في السياق نفسه على ضرورة حل المشكلة سياسيًا إذا لم يكن من الممكن حلها تقنيًا، مضيفًا “على الولايات المتحدة أن تقبل بفكرة أن الجمهورية التركية اشترت نظامًا دفاعيًا من دولة أخرى مرة واحدة”. وهذا حدث وانتهى”.
وزاد قائلا “وفيما بعد ستكون لنا احتياجات لهذه الأنظمة علينا أن نلبيها حتى يأتي اليوم الذي نبدأ فيه بإنتاج مثل تلك الأنظمة؛ لذلك على واشنطن أن تتعاون معنا وتقدم ضمانات بخصوص المنتجات التي سنشتريها فيما بعد”.
وشدد تشاووش أوغلو على أنه رغم غلاء منظومة “باتريوت” الأمريكية إلا أن الحلفاء و يفضلون شرائها.
وفي إشارة إلى وجود محاولات لشراء أنظمة دفاع جوي مماثلة من أوروبا، أوضح الوزير أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون أراد إرسال منظومة الدفاع الجوي الفرنسية (SAMP / T) إلى تركيا، لكنه تخلى عن هذا القرار بعد عملية نبع السلام(شنها الجيش التركي شمالي سوريا من 9 إلى 22 أكتوبر/تشرين أول2019)”.
** أفغانستان
وزير الخارجية التركي تطرق في تصريحاته كذلك إلى الحديث عما تناقلته العديد من وسائل الأنباء العالمية بخصوص تشغيل تركيا مطار العاصمة الأفغانية كابول، بعد انسحاب الناتو من البلاد، وقال في هذا الصدد “لا شك أن هذا المطار قضية تهم الجميع”.
وقال تشاووش أوغلو إن هذا الموضوع قد نوقش مع حلف الناتو، والدول الحليفة، مضيفًا “البقاء في أفغانستان ليس مسؤولية يمكن أن تتحملها دولة ما دون تقديم الدعم اللازم، فهذه مخاطرة أمنية، وعبء خطير أيضا ، يجب تقاسمه”.
وشدد على ضرورة أن يكون لأفغانستان مطلب في هذا الأمر، مضيفًا “ونحن نناقش مع الحلفاء، والحلف، والولايات المتحدة، ودول أخرى كيف سندعم أفغانستان مع انسحاب بعثة الدعم الحازم من هناك، وهل ستكون تركيا بمفردها أو مع دول أخرى فيما يتعلق بأمن وتشغيل هذا المطار؟”
وأردف قائلا “تقترح تركيا أن تتولى عدة دول هذه المهمة(تشغيل المطار) بدعم من الناتو وبعض الدول المهمة، حتى ولو لم يكن ذلك تحت سقف الحلف”، مشددًا على أن “تعاون الجانب الأفغاني بهذا لصدد مهم للغاية”.
** تنظيم “غولن” الإرهابي
في شأن آخر تطرق الوزير إلى دعم واشنطن المقدم لتنظيم “غولن” الإرهابي، مشيرًا أن الولايات المتحدة لم تقم بتلبية مطالب تركيا بخصوص قضية ذلك التنظيم.
وتابع قائلا “إذا سألتم ما إذا كنا قد تلقينا إشارة أو ما شابه من الولايات المتحدة لتلبية تلك المطالب، أقول لكم لا لم نتلق ذلك”.
ولفت أن اللقاء المرتقب بين أردوغان وبايدن سيكون مهمًا بخصوص هذه القضية، مضيفًا “لا شك أن هناك إدارة أمريكية حالية لا تتخذ خطوات ولا تدعمنا بهذا الشأن، كما كان الحال مع إدارتي الرئيسين الأسبق باراك أوباما، والسابق، دونالد ترامب”
وتابع “كما أن هناك مكتب تحقيقات فيدرالي، كان قد بدأ تحقيقًا حول أنشطة ذلك التنظيم الإرهابي في الولايات المتحدة، وهو يدعمها هناك”، لافتًا أن المحامين الأتراك يواصلون متابعة هذه القضية بالولايات المتحدة.
وأوضح تشاووش أوغلو كذلك أن “تحقيقات المكتب الفيدرالي، توصلت إلى رؤية الجانب المظلم لذلك التنظيم الإرهابي، فهم يمدوننا بالمعلومات من وقت لآخر. لكن في النهاية توجد معضلة، فهم يحتاطون من أجل حماية أمنهم الداخلي، وفي المقابل لا يقومون بتلبية متطلبات حليفتهم تركيا”.
** فلسطين والعلاقات مع إسرائيل
وفي موضوع آخر شدد وزير الخارجية تشاووش أوغلو على ضرورة أن تتخلى إسرائيل عن سياساتها العدوانية لكي تسير العلاقات التركية-الإسرائيلية بشكل طبيعي.
وردا على سؤال حول عملية تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة في إسرائيل، قال تشاووش أوغلو إن ذلك شأن داخلي ولن يكون من الصواب التعليق على هذا الموضوع.
وأردف قائلا “ليس المهم من سيشكل الحكومة في إسرائيل، وإنما كيف ستلبي تلك الحكومة تطلعات تركيا والمجتمع الدولي ، يجب على إسرائيل التخلي عن سياساتها العدوانية حتى تستمر علاقاتنا معها. بشكل طبيعي”.
كما طالب الوزير إسرائيل بالعدول عن بناء المستوطنات غير القانونية، وألا تضعف قدسية ومكانة كل من القدس والحرم الشريف، مضيفًا “وعليها كذلك أن تتخلى عن أية خطوات من شأنها تقويض حل الدولتين”.
واستطرد الوزير التركي قائلا “يجب على إسرائيل أيضًا أن تنهي هجماتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، ولتعلم أن السلام الدائم يأتي من الحل القائم على أساس دولتين”.
وزاد موضحًا أنه “إذا اتخذت إسرائيل خطوة إيجابية نحو حل الدولتين ، فإن تركيا ستدعم عملية السلام الدائم”.
وشدد على ضرورة اتخاذ خطوات دائمة من أجل سلامة المدنيين بفلسطين، بما في ذلك إنشاء “قوة حماية” هناك، مضيفًا “لكن يبدو من الصعب تمرير هذه القضية إلى مجلس الأمن الدولي”.
** لقاءات أردوغان خلال قمة الناتو
وتطرق الوزير في تصريحاته إلى قمة حلف الناتو المزمع عقدها الأسبوع المقبل في العاصمة البلجيكية، بروكسل، واللقاءات التي سيعقدها الرئيس، رجب طيب أردوغان على هامشها.
وقال في هذا الخصوص هذه القمة ستشهد عقد لقاء بين الرئيسين التركي، أردوغان، والأمريكي، جو بايدن، مضيفًا “نركز على لقاء الرئيسين، ولكن القمة بحد ذاتها هامة لأن الناتو سيبحث رؤيته للعام 2030”.
وأشار أن نظيره الفرنسي نقل له خلال زيارته الأخيرة إلى باريس رغبة الرئيس إيمانويل ماكرون بلقاء نظيره التركي على هامش القمة نفسها.
كما لفت أن أردوغان سيعقد لقاءات مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيسي وزراء بريطانيا، بوريس جونسون واليونانكيرياكوس ميتشوتاكيس وعدد آخر من الزعماء في إطار القمة.