بشكل غير اعتيادي حلقت عشرات الحوامات الإسرائيلية من نوع “كواد كابتر” في سماء قطاع غزة خلال ساعات فجر الجمعة، فيما تمكنت المقاومة الفلسطينية من إسقاط عدد منها.
وأفاد مراسل الأناضول نقلاً عن شهود عيان، أن طائرات مُسيرة ذات إضاءة خافتة، حلقت فوق أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح (شرق)، ومخيم الشاطئ وحيي تل الهوى والرمال (غرب)، ومخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا وحي الكرامة، شمالي القطاع.
وأضاف الشهود أن دوي إطلاق نار كثيف سُمع بمختلف مناطق غزة تجاه تلك الطائرات، فيما وثق رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو، لتلك الطائرات وعمليات إطلاق النار نحوها.
و”كواد كابتر”، هي طائرات مُسيرة صغيرة الحجم يتم تسييرها إلكترونياً عن بُعد، ويستخدمها الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات استخبارية، حيث كثف من استخدامها في غزة خلال الفترة الماضية.
واستخدم الجيش الإسرائيلي هذا النوع من المسيّرات في الضفة الغربية وقطاع غزة لقمع المتظاهرين الفلسطينيين، وذلك عبر إلقائها قنابل غاز مسيل للدموع تجاه المتظاهرين.
وتتمتع “الحوامات” بخصائص ومميزات تكتيكية مختلفة، وهي ذات مهام متعددة في الجانب الاستخباري كالرصد والمتابعة وتعقب الأهداف الثابتة والمتحركة، ومُزودة بكاميرات ذات جودة عالية.
كما يمكنها القيام بمهام عسكرية إضافية، كإطلاق النار وحمل قنابل، ما يؤهلها للاستخدام في عمليات الاغتيال، فضلاً عن احتوائها على أدوات تنصت دقيقة جداً.
إسرائيل تؤهل بنك أهدافها
الخبير بالشؤون الأمنية محمد أبو هربيد، قال إن ما جرى الليلة الماضية من تسلل الطائرات الإسرائيلية إلى عمق قطاع غزة ووصولها لأماكن تتواجد بها عناصر المقاومة بكثافة استدعى التدخل الميداني.
وأضاف أبو هربيد، في حديثه للأناضول، أن التدخل الميداني جاء “لمحاولة تشتيت عملها (المسيرات)”.
وأردف: “باعتقادي أن إسرائيل لم تكن ترغب من تسيير مجموعة طائرات ليلة أمس، لتنفيذ أهداف لها علاقة باغتيال أو وصول مباشر لشخصيات في المقاومة”.
وأوضح أن “الهدف كان إعادة تأهيل بنك الأهداف لدى إسرائيل، الذي استنزف خلال المواجهة الأخيرة، كما يبدو أيضاً أنها كانت تسعى لرصد دقيق لتحركات المقاومة”.
وتابع: “الظاهر أن المقاومة تحاول الاستفادة من دخول هذه الطائرات لغزة بشكل مباشر، للتعرف على أماكن تحركها وطبيعة الأهداف التي تركز على رصدها”.
وفي سياق شرحه لطبيعة عمل “كواد كابتر”، أفاد المتحدث أنها “تعتبر من الأسلحة الجديدة الجوية غير المأهولة وتؤدي مهام استخباراتية وميدانية ولها القدرة على حمل متفجرات وإصابة الأهداف بدقة شديدة”.
وبين أن “الجيل الجديد من هذه الطائرات المستخدمة حالياً من قِبل إسرائيل تحتوي على أربع مراوح ولا يتجاوز قطرها المتر الواحد”.
وزاد: “إسرائيل بدأت باستخدام هذا النوع من الطائرات بشكل واضح خلال مسيرات العودة التي انطلقت على حدود غزة عام 2018، كما استخدمتها في مهام أخرى مثل اغتيال قيادات في فصائل المقاومة ورصد معلوماتهم”.
وأفاد بأن تلك الطائرات “تمتاز بقدرتها على الوصول لأهداف في أماكن ضيقة من الصعب جداً الوصول لها من خلال الطائرات العادية أو الأشخاص، كما تمتاز بمرونتها وسهولة حركتها وانخفاض صوتها”.
“كوادر كابتر”.. تهديد لغزة
بدوره، قال المحلل العسكري رامي أبو زبيدة، للأناضول، إن “الطائرات المُسيرة كواد كابتر مصدر تهديد لأهالي قطاع غزة ومقاومتها”.
وأوضح أن انتشارها في سماء القطاع في ساعات الفجر، يأتي في إطار “إرباك المقاومة الفلسطينية وإدخال حالة من الرعب لدى قطاع غزة”.
وتابع: “تصدي المقاومة الفلسطينية للطائرات يأتي في إطار جهوزيتها ومتابعتها لأي تهديد لقطاع غزة”.
واستطرد: “من الممكن أن تقوم تلك الحوامات بعمليات أمنية داخل القطاع لتسخين الأوضاع الميدانية، لعرقلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نجاح الحكومة الإسرائيلية المقبلة”.
والأربعاء، أبلغ يائير لابيد، زعيم حزب “هناك مستقبل” الإسرائيلي، الرئيس رؤوفين ريفلين، بنجاحه في تشكيل حكومة، بدعم من حزب عربي للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
البحث عن صواريخ المقاومة
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف، أفاد بأن “الهدف من وراء تلك الحوامات هو جمع المعلومات عن المقاومة الفلسطينية في غزة، وتحديث بنك أهداف جديد بعد العدوان على القطاع”.
وأضاف الصواف للأناضول: “الفشل الاستخباراتي الإسرائيلي في جمع المعلومات على مدار الأعوام السابقة ميدانيا جعل الاحتلال يلجأ لتلك الحوامات كوسيلة جديدة للبحث عن المقاومة وكمائنها الصاروخية”.
واستبعد المتحدث، أن يكون تحليق تلك الحوامات بكثافة ليلة الجمعة لتنفيذ عملية اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية.
واعتبر أن “إسرائيل تهدف لجمع أكبر كم من المعلومات عن تحركات المقاومة في القطاع للاستفادة منها في أي مواجهة قادمة”.
وفي 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في فلسطين جراء اعتداءات “وحشية” إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة، وامتد التصعيد إلى الضفة الغربية والمناطق العربية داخل إسرائيل، ثم تحول إلى مواجهة عسكرية في غزة استمرت 11 يوماً وانتهت بوقف لإطلاق النار فجر 21 مايو/أيار الماضي.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وغزة عن سقوط 290 شهيدا، بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، وأكثر من 8900 مصاب، مقابل مقتل 13 إسرائيليا وإصابة مئات، خلال رد الفصائل في غزة بإطلاق صواريخ على إسرائيل.
AA