رئيسيعام

خط حديد إسرائيل والخليج..سكة لاغتصاب الحقوق وترسيخ التبعية

عزز اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل فرص الأخيرة لتنفيذ مشروع تحلم به منذ فترة طويلة، وهو ربطها بدول الخليج العربي عبر خط سكة حديد.

لكن خبراء حذروا في أحاديث للأناضول، من أن المشروع يحمل مخاطر اقتصادية وعسكرية على المنطقة، وينذر باغتصاب حقوق الشعوب وترسيخ التبعية وتعزيز الهيمنة الإسرائيلية.

وبشكل علني، طرحت إسرائيل فكرة المشروع عام 2018، ثم جددت الحديث عنه بعد الإعلان عن اتفاق تل أبيب وأبوظبي على التطبيع برعاية أمريكية في أغسطس/ آب الماضي.

وتدعي تل أبيب أن المشروع يهدف إلى ربط منطقة الخليج بأوروبا والولايات المتحدة عبر إسرائيل من خلال الأردن، ما يقلل المسافة ويخفض التكاليف.

ووقعت أبوظبي وتل أبيب في واشنطن منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، اتفاقية لتطبيع العلاقات بينهما؛ ما أثار رفضا شعبيا عربيا واسعا، في ظل استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية، ورفضها قيام دولة فلسطينية مستقلة.

إدماج إسرائيل بلا مقابل

الكاتب والباحث اللبناني علي باكير، قال للأناضول: “أعتقد أن هذا المشروع، كمشروع خط أنابيب نقل النفط ومشروع الخط البحري، كلها مشاريع تستهدف بشكل أساسي إدماج إسرائيل بالمنطقة بشكل عضوي ونهائي”.

وأضاف أن هذا الإدماج يأتي “دون أن تضطر إسرائيل إلى تقديم أي شيء للفلسطينيين أو العالم العربي بشأن إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية أو الالتزام بقرارات الأمم المتحدة أو حتى تطبيق مبادرة السلام العربية”.

وتلك المبادرة تبنتها القمة العربية في بيروت عام 2002، وهي تقترح إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وإسرائيل، في حال انسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

واعتبر “باكير” أن هذا “المشروع يعكس دور أبو ظبي الوظيفي في خدمة إسرائيل”، ويحمل “أضرارا هائلة على العالم العربي من جهة، وعلى دول بعينها، كمصر مثلا، سياسيا واقتصاديا وأمنيا”.

ورأى أن هذا “الخط سيقوّض من دور مصر السياسي في العالم العربي لصالح الإمارات وإسرائيل، وسيتسبب بأضرار بالغة للاقتصاد المصري”.

واستطرد: “كما سيحول دول الخليج إلى تابع لإسرائيل أو معتمد عليها اقتصاديا، وهو ما سيتسبب بمخاطر أمنية”.

وزاد بأنه “لو كانت نية أبو ظبي حسنة، لكان بإمكانها العمل على إحياء خط الحجاز، بدلا من العمل بشكل حثيث على إدماج إسرائيل بالمنطقة دون أي مقابل”.

وتم تدشين خط سكة حديد الحجاز في عهد الدولة العثمانية، قبل 112 عاما، وقد ربط وأنعش دول المنطقة.

مقدمة لتطبيع السعودية

ووفق ياسر عبد العزيز، وهو كاتب مصري، فإن “خط سكة الحديد بين الخليج والبحر المتوسط هو حلم للكيان المحتل (إسرائيل) منذ زمن بعيد لربطه بالخليج، وله أبعاده الجيوستراتيجية”.

وأضاف عبد العزيز للأناضول، أن للمشروع أيضا أبعادا “من الناحية العسكرية والاقتصادية، وعلى مستوى التطبيع الشعبي، الذي طالما حلم به الكيان المحتل”.

وتابع: “الإمارات تحاول تسويق المشروع على أنه خادم للاقتصاد الإماراتي، وهو على العكس تماما. كان حلما ويتحول إلى واقع من خلال اتفاق التطبيع الإماراتي مع الاحتلال.. والمشروع، لو دققنا في خط سيره، هو مقدمة لتطبيع السعودية مع الاحتلال”.

وزاد بأن “المشروع له أضرارا كبيرة على الأمن القومي العربي بل والإسلامي، فبنظرة بسيطة للأهمية الجيوستراتيجية والجيوسياسية للأمة العربية والإسلامية نجد أن إطلالتها على أهم المضائق والبحار يعطي لها ميزة كبيرة على عكس الكيان المحتل، الذي أخذ منفذا على البحر المتوسط”.

وأردف: “وعليه فإن المضائق والممرات المائية التي تمر منها نسبة كبيرة من تجارة العالم ونسبة كبيرة أيضا من الطاقة، وقناة السويس، التي ستنتهي للأبد، ستكون بيد تل أبيب حكما”.

واستطرد: “المشروع يمنع الربط بين الدول العربية، على عكس سكة حديد الحجاز، التي كانت تهدف لتوحيد الأمة الإسلامية. ومن ناحية أخرى هو مشروع الإمارات وإسرائيل، ويجعل مقدسات المسلمين في فلسطين والحجاز رهن قرار تل أبيب الأكثر قوة تقنيا وعسكريا واقتصاديا”.

إرهاب نفسي

ذهبت عايدة بن عمر، كاتبة وصحفية تونسية، في حديث للأناضول، إلى أن “هذا المشروع هو جزء صغير مما تُسمى صفقة القرن، وشعارها التطبيع مقابل الازدهار”.

و”صفقة القرن” هي خطة أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/ كانون الثاني الماضي، لتسوية سياسية مجحفة بحق الفلسطييين ومنحازة لصالح إسرائيل.

وأوضحت: “بمعنى تحقيق أرضية ازدهار اقتصادي مقابل الاعتراف الكامل بالكيان الصهيوني، لذلك يتزامن إعلان التطبيع مع إبرام صفقات لمشاريع ضخمة”.

ورأت أن تلك المشاريع “قد تكون مضخمة لممارسة نوع من الإرهاب النفسي للضغط على الدول التي لا زالت تمانع التطبيع”.

وحذرت من أن المشروع الحديدي “يعزز مصالح إسرائيل في المنطقة، ولا يمكن لمن يقف وراءه أن يستشير أنظمة هذه الدول، فهي أنظمة وظيفية غير شرعية لا تملك قرارها”.

ورأت “بن عمر” أنه “لا مانع لدى الرياض من إقامة علاقات علنية مع إسرائيل لولا الحرج الأخلاقي والبعد الروحي لبلاد الحرمين والأماكن المقدسة للمسلمين، وأيضا خشية فقدانها ما تُسمى بمرجعيتها الإسلامية”.

وأردفت: “التوافق بين محمد بن زايد (ولي عهد أبوظبي) ومحمد بن سلمان (ولي عهد السعودية) كفيل بحل هذا الإشكال، ولا خوف من أي خطر عسكري أو إرهابي على هذا الخط، فستتوفر له حماية شديدة وسيصبح المساس به كالمساس بالأمن القومي”.

وتابعت: “بحجة الحفاظ على أمن المشروع ربما تتمادى إسرائيل في الهجوم على ما تعتبرها أهدافا معادية لها، وربما تضع حقوق الفلسطينيين ضمن تلك الأهداف، وحتى الأمن القومي للدول التي تستضيف المشروع، قد يكون في خطر أكبر”.

وختمت بأن “المنطقة بحاجة لمشروع مثالي يعزز أمنها ويربطها اقتصاديا ويعزز وحدتها الإسلامية والعربية، كما كان مشروع خط الحجاز.. كانت أهدافه مثالية لشعوب المنطقة، وهو ما جعل القوى الاستعمارية تدمره خلال الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، بدلا من المشروع الإسرائيلي الذي يحمل أخطارا متعددة”.

الأناضول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى