سفيرة تركيا لـ «الأنباء»:8 مليارات دولار تكلفة 46 مشروعاً نفذتها 50 شركة تركية في الكويت
أكدت سفيرة الجمهورية التركية لدى البلاد عائشة هلال كويتاك أن الكويت تمثل نموذجا رائعا في المنطقة بقيادتها الحكيمة وديموقراطيتها المتجذرة وشعبها المثقف، مشيدة بعمق العلاقات التركية ـ الكويتية والتي تعتبر نموذجا يحتذى به، لافتة إلى تطورها على مختلف الأصعدة ومجالات التعاون، موضحة أن الكويت تتبع سياسة خارجية إنسانية متوازنة وعادلة رسم ملامحها الرئيسية سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، وانها أحد ابرز عوامل الاستقرار والتوازن في المنطقة بسياستها السلمية والبناءة، كما أن الدور الإنساني الكويتي محل إشادة عالمية وساهم بشكل بارز في تعميق علاقاتها مع الدول الشقيقة الصديقة.
وكشفت كويتاك في لقاء خاص مع «الأنباء» عن حجم الاستثمارات الكويتية في تركيا والتي تبلغ ملياري دولار، لافتة إلى وجود 50 شركة تركية تعمل في الكويت نفذت 46 مشروعا بإجمالي 8 مليارات دولار، ومبينة أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 712 مليون دولار في عام 2019، مشيرة إلى إقبال الكويتيين على شراء العقار في تركيا حيث يمتلكون أكثر من 10 آلاف عقار في بلادها.
وعلى صعيد التعاون العسكري أكدت أن أمن واستقرار الكويت هو أمن واستقرار لتركيا، موضحة أن بلادها تتعاون مع الكويت في تبادل المعلومات ونقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الدفاعية، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية كيف تصفين العلاقات الكويتية ـ التركية وأبرز مراحل تطورها وآفاقها المستقبلية؟
٭ العلاقات التركية ـ الكويتية مثالية ونموذج يحتذى به بين الدول، فهي في مجملها تاريخية وممتازة ومتطورة على مختلف الأصعدة ومجالات التعاون، ولاتزال هناك إمكانية كبيرة لتعزيز التعاون الثنائي في ضوء الإمكانات الهائلة التي يتمتعان بها وبما يخدم مصالح شعبينا، لذلك سنزيد من جهودنا لتعميق علاقاتنا مع الكويت في ظل رعاية القيادة السياسية في البلدين المتمثلة في الرئيس رجب طيب أردوغان وصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وأنا على يقين تام بالمستقبل المشرق لهذه العلاقات.
ما أبرز مجالات التعاون الثنائي بين البلدين؟
٭ لدينا تعاون كبير في مختلف المجالات وأبرزها قطاع السياحة، حيث تعتبر تركيا من أهم الوجهات السياحية المفضلة للكويتيين، وقبل تفشي وباء كورونا، كانت الكويت الدولة التي تنظم أكبر عدد من الرحلات الجوية إلى بلادنا بين دول الخليج، وكان عدد الكويتيين الذين يزورون تركيا يزداد سنويا، حيث زار بلادنا أكثر من 374 ألف سائح كويتي في 2019، وأود التأكيد على أنني لا أقوم بتقييم السياحة من حيث الجوانب التجارية فقط، لكن اهتمامي بها ينبع من أنها وسيلة فعالة تتيح لشعبينا الفرصة لمعرفة وفهم بعضهما البعض بشكل أفضل.
اتفاقيات ومذكرات تفاهم
كم عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تسير العلاقات الثنائية بين البلدين؟ وهل تعملون على اتفاقيات جديدة سيتم توقيعها في المستقبل القريب وفي أي مجالات؟
٭ لدينا حوالي 40 اتفاقية ومذكرة تفاهم تسير العلاقات الثنائية مع الكويت وتغطي مختلف مجالات التعاون الثنائي، كما تتواصل المفاوضات بشأن عدد من الاتفاقيات الجديدة المزمع توقيعها على المديين القصير والمتوسط وتتعلق بمجالات واسعة من التعاون من الاقتصاد إلى التعليم، ومن الثقافة إلى الأمن.
ما حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ وإلى أي مدى تأثر بالوضع العالمي الذي فرضه تفشي فيروس كورونا؟
٭ استنادا إلى معطيات معهد الإحصاء التركي «TSI» في 2019 بلغ حجم التجارة الخارجية بين تركيا والكويت 712 مليون دولار، تشكل الصادرات التركية منها 557 مليون دولار، ومع تأثير الوباء العالمي في 2020، انخفضت صادراتنا بنسبة 11% خلال الفترة من يناير إلى أغسطس، لتصل إلى 313 مليون دولار، على الرغم من انخفاض صادراتنا إلا أن بعض المنتجات خاصة الغذائية لوحظ أنها قد سجلت نموا في العام الحالي وهذا مؤشر على أن المصدرين الأتراك قد تغلبوا نسبيا على تأثير الوباء، ونأمل أن يستمر الزخم الإيجابي في تجارتنا بالازدياد بعد القضاء على «كورونا».
ماذا عن حجم الاستثمارات الكويتية في تركيا؟ وما أبرز جهودكم لزيادتها؟
٭ هناك أكثر من 300 شركة كويتية تستثمر في تركيا، ووصلت استثماراتها إلى 2 مليار دولار، ومنذ العام 2015، أصبحت الكويت من أكثر الدول شراء للعقار في تركيا إذ تخطى عدد العقارات التي يملكها أشقاؤنا الكويتيون 10 آلاف عقار، وأدعو رجال الأعمال من الأشقاء الكويتيين للاستثمار في بلادنا، فالاقتصاد القوي، والسهولة في الوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية الكبيرة، والموقع الاستراتيجي، وعدد السكان، والعمالة المؤهلة وبأسعار معقولة، فضلا عن استمرار عملية الإصلاح، وبيئة الاستثمار الليبرالية والحوافز المربحة، والنظام Ar&Ge الإيكولوجي المتميز والفرص المتاحة في مختلف القطاعات جعل تركيا بلدا جاذبا للاستثمار، في هذا السياق، أوصي بالاطلاع على نظام الحوافز القائم على المشاريع الخاص بمكتب الاستثمار الرئاسي للمستثمرين
وهناك تطوير لبيئة ريادة الأعمال حيث تتمتع الشركات «الناشئة» بإمكانات عالية للنجاح واعتقد أن تركيا فرصة كبيرة للمستثمرين الكويتيين في مجال التكنولوجيا.
50 شركة تركية
كم يبلغ عدد الشركات التركية في الكويت؟ وما حجم مساهماتها بالمشاريع الكويتية العملاقة؟
٭ يبلغ عدد الشركات التركية (بما في ذلك أصحاب الامتياز) الموجودة في الكويت حوالي 50 شركة، حيث نفذت 46 مشروعا في الكويت حتى الآن وبلغ حجم أعمالها 8 مليارات دولار، ويعد مشروع مطار الكويت T4 ومبنى الركاب الجديد T2 ومشروع مواقف السيارات ومشاريع البنية التحتية والطرق في مدينة المطلاع من بين المشاريع الرائدة لها.
حدثينا عن آخر المستجدات الخاصة بالمطار الجديد؟
٭ لقد أثر تفشي «كورونا» على الكويت، كما العالم أجمع وكذلك على جميع المشاريع بما فيها «المطار الجديد» فعلى سبيل المثال فقد انخفض العمل بسبب القيود الاحترازية المتبعة وبالرغم من ذلك فقد تم البدء خلال هذه الفترة بمشروع المواقف وهو المرحلة الثانية من مشروع المطار، والعمل مستمر بأقصى سرعة وتبذل شركتنا قصارى جهدها لإكمال بناء مبنى الركاب ومواقف السيارات في الوقت المحدد، ونولي أهمية خاصة لمشروع المطار الجديد، وكسفارة نتابع تطوراته عن كثب.
تأشيرات الدخول
كم عدد التأشيرات التي يصدرها قسم القنصلي في السفارة سنويا؟ ومتى تفتح التأشيرات للسياح؟
٭ يمكن لحاملي جوازات السفر الكويتية السفر إلى تركيا دون الحصول على تأشيرة دخول، والقسم القنصلي بالسفارة أصدر أكثر من 30 ألف تأشيرة في 2019 لمواطني الدول الذين يحتاجون إلى تأشيرة وبسبب قيود السفر المفروضة جراء تفشي الوباء، تم تعليق إجراءات التأشيرة من مارس حتى يوليو وقد استأنف مركز تقديم طلبات التأشيرة التركية عمله في 20 يوليو الماضي وكما كان الحال في السابق، يتم انجاز معاملات التأشيرة بسرعة.
هل لكم أن تصفوا التنسيق بين البلدين بشأن الملفات الإقليمية والدولية؟
٭ باتباع سياسة خارجية سلمية وبناءة، فإن الكويت هي أحد الأطراف الرئيسية للاستقرار في المنطقة، ونولي أهمية كبيرة للتشاور والحوار الوثيق مع الكويت في القضايا الإقليمية، ويسعدني أن ألاحظ تطابقنا وتقاربنا حول العديد من القضايا، وأعتقد أن تعاوننا سيسهم في إحلال السلام والاستقرار في منطقتنا.
هل تخططون لزيارات عالية المستوى من كلا الاتجاهين؟
٭ توقفت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى بسبب الوباء، واستمرت الاتصالات عبر الإنترنت بشكل طبيعي خلال هذه الفترة، أعتقد أن الزيارات ستبدأ من جديد خلال الفترة المقبلة، وعقب وفاة الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد قام وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ومن ثم الرئيس رجب طيب أردوغان بزيارة الكويت لتقديم واجب العزاء، وتم التوصل إلى توافق في الآراء حول أهمية الزيارات المتبادلة في المحادثات التي أجراها كل من وزير الخارجية ورئيس الجمهورية مع نظرائهم الكويتيين، كما أن تسريع الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين سيسهم في تعميق العلاقات الثنائية.
تعاون عسكري
ماذا عن أبرز ملامح التعاون العسكري بين البلدين في مجالات التسليح والتدريبات المشتركة؟
٭ ننظر إلى أمن واستقرار الكويت على أنه أمن واستقرار لتركيا ولدينا تعاون عسكري، وقد توقفت التدريبات والأنشطة المشتركة بين المؤسستين العسكريتين في بلدينا مؤخرا بسبب تفشي «كورونا»، ونأمل أن تعود الأنشطة إلى طبيعتها بعد أن يفقد الوباء تأثيره، وبصفة عامة نحن منفتحون على جميع أنواع التعاون مع الكويت، بما في ذلك تبادل المعلومات ونقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الدفاعية.
وقد تطور قطاع الصناعات الدفاعية التركية بشكل سريع حيث نوفر 70% من صناعتنا الدفاعية بمواردنا المحلية، ولدينا 7 شركات تركية تأخذ مكانها بين أفضل 100 شركة صناعة دفاعية في العالم، وفي هذا المجال ننظر إلى الدول الشقيقة كشركاء لنا وليس كأسواق تصدير، وتحتل الكويت مكانة خاصة بالنسبة لنا.
كيف تصفين الديبلوماسية الكويتية؟ وما مدى تعاون زملائك في وزارة الخارجية الكويتية؟
٭ الكويت تتبع سياسة خارجية إنسانية متوازنة وعادلة رسم ملامحها الرئيسية سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، وأرى أن أحد الأهداف الرئيسية للديبلوماسية الكويتية هو التعاون مع جميع الدول من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين وضمان التنمية المستدامة للمجتمعات.
نحن في الجمهورية التركية لدينا تعاون وثيق مع زملائنا في وزارة الخارجية الكويتية وأتوجه بالشكر لكل منتسبيها وعلى رأسهم وزير الخارجية الشيخ د.أحمد ناصر المحمد لمساهمتهم في توطيد علاقاتنا الثنائية وتسهيل مهامي كسفيرة لبلادي.
كيف تقيمين الدور الذي تلعبه الكويت في حل النزاعات وإحلال السلام إقليميا ودوليا، بالإضافة إلى دورها الإنساني؟
٭ الكويت أحد أبرز عوامل الاستقرار والتوازن في المنطقة بسياستها الخارجية السلمية والبناءة التي تعتمد على الحوار كأساس لا بديل عنه في حل النزاعات، فضلا عن مبادراتها الرائدة ووساطاتها المميزة في تحقيق المصالحة الدولية والإقليمية، والدور الكويتي قيم وله أهمية بالغة في سياق الحفاظ على السلام والهدوء في منطقتنا.
أما فيما يتعلق بالدور الإنساني فهو محل إشادة عالمية ويسهم بشكل بارز في تعميق علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة وزيادة فاعليتها، وبمساهماتها السخية خففت من آلام الملايين من اللاجئين والنازحين وضحايا الكوارث الطبيعية والإنسانية.
تبادل ثقافي
ماذا عن أبرز ملامح التبادل الثقافي والأكاديمي بين البلدين الصديقين؟
٭ نولي التبادل الثقافي والأكاديمي أهمية كبرى لما له من تأثير إيجابي وفعال في دعم التقارب بين الشعوب، لذلك نرغب في افتتاح «مركز يونس إمري الثقافي التركي» بالكويت، كما أن الإلمام باللغات أحد أهم عناصر التفاعل الثقافي، لذلك قمنا بالتوسع في دورات اللغة التركية، حيث نقدم دروس اللغة التركية بشكل اختياري في جامعة الكويت، بالإضافة إلى تنظيم دورات للراغبين في المدرسة التركية، فضلا عن تنفيذ مشروع جديد وهو «النادي التركي الكويتي».
من ناحية أخرى، وعندما توليت منصبي كانت منح اللغة العربية المخصصة للطلاب الأتراك من قبل حكومة الكويت معطلة نوعا ما فقمنا بتنشيطها، ويسعدني أن ألاحظ اهتمام الشباب الكويتي باللغة التركية وكذلك اهتمام الشباب التركي بتعلم اللغة العربية آخذ في الازدياد، وأود أن أشير إلى جودة النظام التعليمي التركي والجامعات، وان المؤسسات الاكاديمية مصنفة في أعلى المراتب العالمية وتقدم خدماتها التعليمية باللغة الإنجليزية، ونحن قادرون على تزويد شبابنا بفرص تعليمية جيدة في مجالات الطب والهندسة والعلوم الاجتماعية. وأدعو الشباب الكويتي إلى إعادة اكتشاف تركيا كوجهة تعلمية وأكاديمية مميزة.
ما رؤيتكم لعملية التطبيع مع إسرائيل؟
٭ أعلنت تركيا موقفها بوضوح من هذه المسألة من خلال البيانات التي صدرت عن وزارة الخارجية والمسؤولين في الحكومة ونرى أنها ضربة جديدة لجهود الدفاع عن القضية الفلسطينية، وشجعت إسرائيل على مواصلة ممارساتها غير المشروعة تجاه فلسطين والفلسطينيين، أعتقد أن السبيل الوحيد لتحقيق سلام واستقرار دائمين في الشرق الأوسط هو إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية في إطار القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ما رؤيتكم للمشهد الصعب والمعقد في الشرق الأوسط خاصة في سورية والعراق وليبيا واليمن؟
٭ إن إحلال السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط وتحويل المنطقة إلى واحة استقرار وازدهار من بين الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية التركية، فعلى سبيل المثال نجد أن الملامح الأساسية للسياسة التركية تجاه سورية منذ اليوم الأول كانت تعتمد على ايجاد نهاية سلمية لعملية التغيير السياسي الهادفة إلى حماية وحدة أراضي سورية وسلامتها وإنهاء النزاعات وتلبية المطالب المشروعة للشعب السوري. أما بالنسبة للعراق فإن ضمان الاستقرار والأمن الدائمين لجارتنا يمثل أهمية بالغة لنا وتركيا تدعم وحدة العراق وسلامة أراضيه ونرى أن القضاء على المنظمات الإرهابية المتواجدة على أراضيه والتي تشكل تهديدا لنا، ممكن من خلال ترسيخ السيادة العراقية بشكل كامل، ونعمل بشكل وثيق مع الحكومة العراقية للحفاظ على سلامة العراق الإقليمية ووحدته السياسية.
ومنذ نهاية عام 2014، دعمت تركيا عملية الحوار في ليبيا، حيث تتطور علاقاتنا مع ليبيا في جميع المجالات على أساس المنفعة المتبادلة والمساهمة في إقامة سلام واستقرار وأمن دائم كما تدعم بلادنا بنشاط الجهود الدولية لإيجاد حل سياسي للمشكلة الليبية، تحت قيادة الأمم المتحدة، وأيضا ندعم السلام والاستقرار في اليمن الذي تجمعنا به علاقات تاريخية وثقافية عميقة الجذور، ولقد دعينا منذ البداية لإيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية على أسس الحوار واحترام الشرعية، ونراقب عن كثب عملية الحل السياسي والوضع الإنساني المتدهور في اليمن، وتتواصل مساعداتنا الإنسانية لمداواة جراح الشعب اليمني
لقاء أجراه أسامة دياب مراسل الأنباء.