العالمرئيسي

كيف تفقد فرنسا نفوذها وتدفع ثمن تاريخها الدموي في إفريقيا؟

كان لتصريحات ماكرون المهاجمة للإسلام ودعمه المباشر لأخرى مسيئة لرسوله، وقع شديد على مجتمع المسلمين في الداخل الفرنسي، الذي يتكوّن أغلبه من المهاجرين وأبناء المهاجرين القادمين من المستعمرات الفرنسية سابقاً: الجزائر والمغرب وتونس ومالي والسنغال وغيرها.

كما أن هذا الهجوم وجد رد فعلٍ شديداً سواء بالتظاهر أو بالانضمام لحملات المقاطعة في هذه البلدان التي كانت تعدّ حتى وقت قريب ساحة نفوذ سياسي واقتصادي للمستعمر القديم.

فمنذ قدوم ماكرون إلى السلطة، تُصارع فرنسا لإعادة مكانتها الدولية وتحاول أن تختطّ لنفسها طريقاً جديداً في السياسة الخارجية.

لكن باريس، وبإصرارها على الاستمرار في التأثير على دول كانت مستعمراتها سابقاً في إفريقيا، وعدم احترام استقلالها وخصوصيتها الثقافية، تفقد من حيث لا تدري نفوذها هناك رويداً رويداً، وتدفع بذلك ثمنين؛ الأول مُقابل استعلائها وتخبّطها الحاضر، والثاني مُقابل تاريخها الدموي في إفريقيا.

وحتى يومنا هذا، لا تزال فرنسا تحاول الحفاظ على نفوذها على المستعمرات التي كانت تحتلها في إفريقيا بكل ما أوتيت من قوة، إذ تعتمد باريس بشكل مفرط على المصادر الإفريقية الفرنكوفونية للحصول على المواد الخام الرخيصة التي تدعم الاقتصاد والصناعة الفرنسيَّين.

وتحاول فرنسا استغلال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها وتعيشها بعض دول غرب إفريقيا، باعتبارها فرصة وبيئة مواتية لتطوير مفهوم الاستعمار الجديد، لتبني بذلك على نموذج سائد منذ 60 عاماً تقريباً يخدم مصالح باريس الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

خوف فرنسا من فقدان ساحة نفوذها في منطقة غرب إفريقيا، مع وجود ملامح تغيير في المنطقة، دفع باريس إلى تطبيق أساليب تبدو غير أخلاقية، ويُمكن تصنيفها أنها استراتيجيات الجيل الجديد من الاستعمار.

فطيلة سنوات ما بعد الاستعمار، كانت احتياطات الفرنك الإفريقي وبعض احتياطات دول غرب إفريقيا توضع في البنك المركزي الفرنسي.

نهاية العام الماضي، خرج رئيس ساحل العاج، الحسن وتارا، ليعلن في مؤتمر صحفي وماكرون إلى جانبه، عن اتفاق “الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا” مع فرنسا على إعادة تسمية “الفرنك الإفريقي” ليصبح “إيكو” (Eco).

الإعداد لإطلاق عملة “إيكو” جاء “نتيجة أعمال قامت بها هذه المجموعة على مدار سنوات، أي أنه كانت هناك حالة من الجدل في الدول الإفريقية تسلط الضوء على اعتزام فرنسا تطبيق جيل جديد من الاستعمار”، حسب دفجي أوغلو.

خسارة فرنسا ارتباط هذه الدول بها مالياً، جعلها تفكّر في تقوية وجودها العسكري في المنطقة، إذ تستغل تزايد أعمال الحركات الإرهابية جنوب الصحراء، لـ”إيجاد أساس شرعي لإبقاء فرنسا على قوات لها في المناطق التي تشهد عمليات إرهابية”و حسب المصدر ذاته.

لكن هذا الحديث “لا يمنع إدراك حقيقة مفادها أن فرنسا تمارس ضغوطاً على هذه الدول، عبر سياسة العصا والجزرة، للحفاظ على مكاسبها الاقتصادية في ملكية الموارد القيمة بالمنطقة، ولذلك تحاول الاستفادة من وجود حركات إرهابية عديدة، للحفاظ على شرعية لوجودها بإفريقيا”، حسب دفجي أوغلو.

المصدر: TRT عربي 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى