كشف مصدر إماراتي رفيع المستوى لموقع Middle East Eye البريطاني، الاثنين 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أن طهران اتصلت “بشكل مباشر” بمحمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، وهددت الإمارات العربية المتحدة بأنها ستكون الهدفَ المقبل في حال وقوع أي هجوم أمريكي على إيران.
وبحسب المصدر الإماراتي، فإن الاتصال بين إيران ومحمد بن زايد جاء قبل ساعات فقط من بيان إماراتي يدين اغتيال العالم فخري زاده، حيث حذَّرت وزارة الخارجية بأبو ظبي من “الأعمال التي من شأنها التصعيد في المنطقة”.
ورُغم أن صحيفة New York Times الأمريكية نقلت تبنِّي مصادر إسرائيلية مخابراتية بشكل غير رسمي، مقتل فخري زاده، فإن إيران تخشى هجمات من الولايات المتحدة أيضاً، معتقدةً أن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب قد يوجه لها ضربةً قبل انتهاء ولايته في 20 يناير/كانون الثاني.
أبو ظبي الهدف
المصدر الذي نقل عنه الموقع أكد أن “محمد بن زايد تلقى تهديداً مباشراً من إيران. ولم يصل إليه من خلال وسطاء”، حيث قالت إيران لابن زايد: “سنُحمِّلكم مسؤولية اغتيال فخري زاده”.
وقد طلب موقع Middle East Eye من سفارة الإمارات العربية المتحدة في لندن التعليق، لكنه لم يتلقَّ رداً حتى وقت نشر القصة.
كانت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية قد أعلنت الاثنين أن أبو ظبي أدانت اغتيال العالِم الإيراني، وقالت: إنها “تدين جريمة الاغتيال المشينة التي طالت السيد محسن فخري زاده، والتي من شأنها أن تقود إلى حالة من تأجيج الصراع في المنطقة”.
كما دعت جميع الأطراف إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، لتجنب انجراف المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار وتهديد السلم”.
ليس التهديد الأول
تعدُّ الإمارات، التي تقع على بُعد 70 كيلومتراً فحسب من إيران عبر الخليج، من أشد حلفاء ترمب، وقد أبرمت مؤخراً اتفاقية تطبيع مع إسرائيل، التي شهدت العلاقات معها بالفعل تقارباً وزيارات متبادلة.
وقال رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، إن نظرة قواته تجاه الإمارات “ستكون وفق حسابات أخرى”، وذلك بعد إعلان الإمارات وإسرائيل عن تطبيع العلاقات بينهما في 13 أغسطس/آب الماضي.
ونقلت وكالة “فارس” الإيرانية الأحد 16 أغسطس/آب الماضي، عن باقري قوله: “أقدم أحد جيران إيران على إقامة علاقات مع إسرائيل بكل وقاحة”، مشيراً إلى تغييرات ستطرأ على نهج بلاده تجاه الإمارات، دون أن يشرح هذه التغييرات.
ووصف الحرس الثوري الإيراني في بيان صدر عقب خطوة التطبيع الإماراتية، بأنها “حماقة تاريخية وخطأ استراتيجي”، معتبراً الاتفاق خطوة “شريرة ومحكوماً عليها بالفشل”.
وقال مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان، في حوار مع قناة العالم الإيرانية: إنه “وبعد تطبيع الإمارات مع إسرائيل فإن أي حدث ظاهر أو مبطن سوف يحدث على يد أجهزة المخابرات الإسرائيلية أو عملائها في الجمهورية الإسلامية سيجعل من الإمارات جزءاً من الرد على هكذا أحداث”.
وشدد عبد اللهيان على أن “قرار التطبيع الإماراتي مع الاحتلال الإسرائيلي لم يكن مستقلاً، بل جاء نتيجة ضغوط أمريكية وإسرائيلية”.
وكان المرشد الأعلى في إيران، آيه الله علي خامنئي، وصف قرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل بالخيانة. وقال خامنئي، في كلمة نقلها حسابه على “تويتر”: إن “الإمارات العربية المتحدة خانت العالم الإسلامي، والشعوب العربية، وبلدان المنطقة وفلسطين أيضاً، طبعاً لن تستمرّ هذه الخيانة طويلاً، لكنّ وصمة عارها ستبقى على جباههم. آمل أن يصحو الإماراتيون سريعاً ويعوضوا الخطوة التي قاموا بها”.
بدورها قالت الإمارات على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية، إن الاتفاق ليس موجهاً لإيران، كما أنه قرار سيادي على حد وصفها، في حين أبدت إسرائيل رفضها التهديدات التي أطلقتها إيران ضد الإمارات عقب اتفاقية التطبيع.
مخاوف إسرائيلية
يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه وسائل إعلام إسرائيلية، أن مسؤولي الأمن قلِقون من تعرُّض مواطنيهم في الإمارات لخطر الانتقام، بعد تزايد أعداد الإسرائيليين الزائرين لأبو ظبي ودبي منذ تطبيع العلاقات بين البلدين في سبتمبر/أيلول 2020.
وفقاً للقناة 12 الإسرائيلية، بدأ مسؤولون أمنيون إسرائيليون وإماراتيون في العمل معاً لتعزيز حماية الإسرائيليين الموجودين حالياً في الإمارات.
الانتقام الإيراني “مؤجل“
وعلى الرغم من أن إيران قد تعهدت بالانتقام لمقتل فخري زاده، فإن المسؤولين الإيرانيين صرَّحوا لموقع Middle East Eye في نهاية الأسبوع، بأنه أياً كان الرد فسيُخضع على الأرجح للدراسة والتأجيل.
وكان الموقع قد أفاد الأسبوع الماضي بأن إسماعيل قاآني، الجنرال الإيراني البارز، أمر القوات شبه العسكرية الحسوبة على إيران في العراق، بتجنب استهداف الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال، بسبب القلق من احتمال استفزاز إدارة ترمب لشن حرب مدمرة.
وبحسب الموقع تأمل إيران أن يؤدي وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني إلى تخفيف العقوبات، والعودة إلى الاتفاقية النووية المبرمة في 2015، والتي كان ترمب قد انسحب منها من جانب واحد قبل عامين.
وعلى الرغم من الخلاف على الجزر والتهديدات الإيرانية تملك إيران والإمارات علاقات تجارية واسعة، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 13.5 مليار دولار، وفقاً لما ذكرت منظمة الجمارك الإيرانية في شهر أبريل/نيسان الماضي، كما تعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين.
مختارات المواقع-TRT