ما هي أبعاد بيع تركيا طائرات مسيرة لبلد عضو في الناتو و الإتحاد الاوروبي؟
شهد الأسبوع الفائت توقيع تركيا اتفاقية تصدير طائرات مسيرة من طراز بيرقدار “تي بي 2” إلى بولندا، البلد العضو في الناتو و الاتحاد الأوروبي.
ووقعت الاتفاقية بمراسم حضرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و نظيره البولندي أندريه دودا، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.
وأثارت الاتفاقية التي شملت بيع 24 طائرة مسيرة تركية من طراز بيرقدار” تي بي 2″ إلى بولندا، التساؤلات حول مدى أهميتها، فسبق لتركيا أن باعت مسيرات من هذا الطراز لأوكرانيا و قطر و أذربيجان، لكن مع هذه الاتفاقية ستحلق المسيرات التركية في بلد عضو في حلف شمال الأطلسي”الناتو” وفي الاتحاد الأوروبي.
يرى الصحفي التركي متة هان دمير في حديث له مع مجلة M5، أن صفقة بيع المسيرات التركية لبولندا ليست ثورة في مجال صادرات الصناعات الدفاعية التركية فحسب.
ويضيف”هذا الأمر يحمل أبعادا استراتيجية مهمة بسبب الموقع الجغرافي الحساس لبولندا، فهي ليست بلدا عضوا في الاتحاد الأوروبي و الناتو فحسب، بل تتشاطر حدودا مع دول مثل ألمانيا وروسيا التي تتلقى منها تهديدات بشكل دائم.”
ويعلل دمير سبب شراء بولندا للمسيرات التركية رغم” الضغوطات”، بانخفاض سعرها مقارنة بدول أخرى منتجة للمسيرات مثل الولايات المتحدة و إسرائيل، وإدراكها لمستوى كفاءة المسيرات التركية التي شهدها العالم على جبهات عديدة على حد تعبيره.
وكان وزير الدفاع البولندي ماريوس بلاشزاك قد أشاد خلال مؤتمر صحفي له مع نظيره التركي في العاصمة التركية أنقرة بالمسيرات التركية قائلا:” هذه الطائرات بلا طيار المسلحة جيدة للغاية، والأهم أنها أنظمة مجربة وأثبتت نجاحها، وأنا متأكد أنها ستقدم إسهامات كبيرة لنظام الدفاع البولندي”.
وفي هذا السياق، يؤكد دمير أن بولندا ستكتسب بشرائها لهذه المسيرات قوة كبيرة أمام “التهديدات الروسية.”
وفي معرض سؤالنا عن الموقف الروسي من هذه الصفقة التي أجرتها تركيا مع بلد يملك علاقات غير مستقرة معها، فيقول دمير” إن هذه الصفقة ستزعج بالطبع روسيا التي تقع ضمن خانة الدول التي تشكل تهديدا في الناتو، وهي بدأت بإرسال إشارات ولو بشكل غير معلن”.
ويؤكد دمير أن” تركيا لا تتخذ طرفا إلى جانب دولة ما، و هي تعقد صفقاتها الدفاعية بصفتها عضو محترف في الناتو”.
ويرى دمير أن” تركيا هي اليوم في موقع يمكنها من عقد صفقات بيع لمنتجاتها الخاصة التي طورتها عبر إمكاناتها الوطنية إلى دول العالم كافة.”
القوات المسلحة التركية بمثابة جيش مرجعي من ناحية الكفاءة
الصحفي و الكاتب التركي أردان زنتورك، يقول إن القوات المسلحة التركية” بمثابة جيش مرجعي بين جيوش العالم من ناحية خبرته و كفائته”.
وحول مدى تأثير صفقة كهذه على زيادة معدل الصادرات الدفاعية التركية، فبداية، يعزو زنتورك الامتعاض الدولي من الصفقات التي تعقدها تركيا في مجال الصناعات الدفاعية و آخرها الصفقة الموقعة مع بولندا، بالتالي: “يرجع سبب – دعوني لا أقول انزعاج سأستخدم عبارة قلق- شركات صناعة الدفاع الغربية من هذه الصفقات، إلى النجاح الذي حققته بلادنا عبر تحقيقها الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الصناعات الدفاعية و بإمكانات وطنية ومحلية. لذلك لا أعتقد تلقي تركيا لعروض كثيرة في المستقبل القريب في مجال شراء صناعاتها الدفاعية أنه محض حلم”
ويضيف زنتورك، أن تركيا لا تفرض أية قيود على الدول التي تشتري منتجاتها الدفاعية فيما يتعلق بشكل استخدام منتجاتها.
و يوجه الكاتب التركي السؤال التالي: في حال حصلت أذربيجان على المسيرات من الولايات المتحدة الأمريكية هل كانت ستستطيع استخدامها ضد أرمينيا؟ بالطبع لا، ولذلك يرى الكاتب -انطلاقا من هذه النقطة- أن الطلب على المنتجات الدفاعية التركية سيزداد في الفترات المقبلة.
أما فيما يتعلق بحيازة دولة عضو في الاتحاد الأوروبي والناتو على المسيرات التركية وأبعاد تأثير ذلك على العلاقات التركية الروسية وبخاصة على الساحة السورية، فيقول زنتورك “إن حيازة أوكرانيا ومن ثم بولندا للمسيرات التركية بيرقدار” تي بي 2″ يحتل بعدا مهما للغاية من ناحية الأمن الأوروبي وعلاقة تركيا بذلك “.
ووفقا ل “زنتورك” ، ستشكل المسيرات التركية عنصرا دفاعيا رئيسيا ضد الجيوش المدرعة التي تعد بمثابة تهديد كبيرلأوروبا، سيما روسيا التي تملك “استراتيجية توسعية”.
ويرى زنتورك” أن الأمن الأوروبي لا يمكن أن يتحقق بدون تركيا، و أن أي دولة تريد أن تشعر بالأمان عليها أن تتعامل مع تركيا. “
وفي معرض سؤالنا عن اتهامات دول مختلفة داخل الناتو لتركيا بعقد علاقات وثيقة مع روسيا على الرغم من بيعها مسيرات لدول لديها مشاكل مع روسيا وتدميرها لأنظمة دفاع جوي روسية، فيرى زنتورك أن الناتو يتبع سياسة “معادية” تجاه تركيا منذ فبراير 2020 بسبب اللوبي الإسرائيلي القوي داخله.
ويتابع” الناتو ترك تركيا تواجه روسيا لوحدها في إدلب السورية، وهي استطاعت ايقاف روسيا من ارتكاب فظائع أكبر هناك لوحدها دون تلقي أي شكل من أشكال الدعم من قبل الناتو ، يضاف إلى ذلك صد تركيا لقوات خليفة حفتر في طرابلس المدعومة من ميليشيات تابعة لروسيا ودول مثل فرنسا واليونان”.
لذلك يرى زنتورك أنه من الطبيعي أن تواجه تركيا “نفاق كهذا” من الغرب على حد وصفه.
خاص- آلاء تركماني